فلما ودعوهم بكي الرجال والنساء بعضهم إلى بعض حتى رحمهم الناس.
وكتب معقل إلى علي بالفتح ثم أقبل بهم حتى مر علي مصقلة بن هيبرة الشيباني وهو عامل علي علي أردشير خره وهم خمسمائة إنسان فبكي النساء والصبيان وصاح الرجال يا أب الفضل يا حامي الرجال ومأوي المعضب وفكاك العناة أمنن علينا واشترنا وأعتقنا فقال مصقلة أقسم بالله لأتصدق عليكم إن الله يجزي المتصدقين. فبلغ قوله معقلا فقال والله لو أعلم أنه قالها توجعا عليهم وإزراء علينا لضربت عنقه ولو كان في ذلك تفاني تميم وبكر ثم إن مصقلة اشتراهم من معقل بخمسمائة ألف فقال له معقل عجل المال إلى أمير المؤمنين فقال أنا أبعث الآن ببعضه ثم كذلك حتى لا يبقي منه شيء.
, اقبل معقل إلى علي فأخبره بما كان منه فاستحسنه وبلغ عليا أن مصقلة أعتق الأسري ولم يسألهم أن يعينوه بشيء فقال ما أظن مصقلة إلا وقد تحمل حمالة سترونه عن قريب منها مبلدا وكتب إليه يطلب منه المال أو يحضر عنده فحضر عنده وحمل من المال مائتي ألف.
قال ذهل بن الحارث فاستدعاني ليلة فطعمنا ثم قال إن أمير المؤمنين يسألني هذا المال ولا أقدر عليه فقلت والله لو شئت ما مضت جمعه حتى تحمله فقال ما كنت لأحملها قومي أما والله لو كان ابن هند ما طالبني بها ولو كان ابن عفان لوهبها لي ألم تره أطعم الأشعث بن قيس كل سنة من خراج أذربيجان مائة ألف قال فقلت إن هذا لا يري ذلك الرأي ولا يتركك منها شيئا فهرب مصقلة من ليلته فلحق بمعاوية وبلغ عليا ذلك فقال ما له نزه الله فعل فعل السيد وفر فرار العبد وخان خيانة الفاجر أما إنه لو أقام فعجز ما زدنا علي حبسه فإن وجدنا له شيئا أخذناه وإلا تركناه.