الجمل عندها هباء فقال صبرة بن شيمان سمعا لأمير المؤمنين وطاعة نحن حرب لمن حاربه وسلم لمن سالمه. وقال أبو صفرة والد المهلب لزياد لو أدركت الجمل ما قتل قومي أمير المؤمنين وقيل إن أبا صفرة كان توفي في مسيره إلى صفين والله أعلم.
وسار جارية إلى قومه وقرأ عليهم كتاب علي ووعدهم خازم السلمي فاقتتلوا ساعة وأقبل شريك بن الأعور الحارثي فصار مع جارية فانهزم ابن الحضرمي فتحصن بقصر سنبيل ومعه ابن خازم فأتته أمه عجلي وكانت حبشية فأمرته بالنزول فأبي فقالت والله لتنزلن أو لأنزعن ثيابي فنزل ونجا وأحرق جارية القصر بمن فيه فهلك ابن الحضرمي وسبعون رجلا معه وعاد زياد إلى القصر وكان قصر سنبيل لفارس قديما وصار لسنبيل السعدي وحوله خندق وكان فيمن احترق دارع بن بدر أخو حارثة بن بدر فقال عمرو بن العرندس:
(رددنا زيادا إلى داره * وجار تميم دخانا ذهب) (لحى الله قوما شووا جارهم * ولم يدفعوا عنه حر اللهب) في أبيات غير هذه وقال جرير (غدرتم بالزبير فما وفيتم * وفاء الأزد إذ منعوا زيادا) (فأصبح جارهم بنجاة عز * وجار مجاشع أمسي رمادا) (فلو عاقدت حبل أبي سعيد * لذاد القوم ما حمل النجادا)