فإنه خرج أيضا فلقيه رجل من بني حرقوص يدعي مري فأجاره وسيره إلى الشام. وأما مروان بن الحكم فاستجار بمالك بن مسمع فأجاره ووفي له وحفظ له بنو مروان ذلك في خلافتهم وانتفع بهم وشرفوه بذلك. وقيل إن مروان نزل مع عائشة بدار عبد الله بن خلف وصحبها إلى الحجاز فلما سارت إلى مكة سار إلى المدينة. وأما عبد الله بن الزبير فإنه نزل بدار رجل من الأزد يدعي وزيرا فقال له ائت أم المؤمنين فأعلمها بمكاني ولا يعلم محمد بن أبي بكر فأتي عائشة فأخبرها فقالت علي بمحمد.
فقال لها إنه قد نهاني أن يعلم محمد فلم تسمع قوله وأرسلت إلى محمد وقالت اذهب مع هذا الرجل حتى تأتيني بابن أختك فانطلق معه وخرج عبد الله ومحمد حتى انتهيا إلى دار عائشة في دار عبد الله بن خلف.
ولما فرغ علي من بيعة أهل البصرة نظر في بيت المال فرأى فيه ستمائة ألف وزيادة فقسمها على من شهد معه فأصاب كل رجل منهم خمسمائة خمسمائة فقال لهم أن أظفركم الله بالشام فلكم مثلها إلى أعطياتكم فخاض في ذلك السبئية وطعنوا على علي من وراء وراء وطعنوا فيه أيضا حين نهاهم عن أخذ أموالهم فقالوا [ما] يحل لنا دماءهم ويحرم علينا أموالهم؟ فقال لهم علي القوم أمثالكم من صفح عنا فهو منا ومن لج حتى يصاب فقتاله مني على الصدر والنحر.
وقال القعقاع ما رأيت شيئا أشبه بشيء من قتال القلب يوم الجمل بقتال صفين لقد رأيتنا ندافعهم بأسنتنا ونتكئ على أزجتنا وهم مثل ذلك حتى لو أن الرجال مشت عليها لاستقلت بهم وقال عبد الله بن سنان الكاهلي لما كان يوم الجمل ترامينا بالنبل حتى فنيت وتطاعنا بالرماح حتى تكسرت وتشبكت في صدورنا وصدورهم حتى لو سيرت عليها الخيل لسارت ثم قال على السيوف يا بني المهاجرين فما شبهت أصواتها إلا بضرب القصارين.