من قبل هذا اليوم بعشرين سنة وكان علي يقول ذلك اليوم بعد الفراغ من القتال:
(إليك أشكو عجزي وبجري * ومعشرا أغشوا على بصري) (قتلت منهم مضرا بمضري * شفيت نفسي وقتلت معشري) فلما كان الليل أدخلها أخوها محمد بن أبي بكر البصرة فأنزلها في دار عبد الله بن خلف الخزاعي على صفية بنت الحارث بن أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار وهي أم طلحة الطلحات بن عبد الله بن خلف وتسلل الجرحى من بين القتلى ليلا فدخلوا البصرة فأقام علي بظاهر البصرة ثلاثا وإذن للناس في دفن موتاهم فخرجوا إليهم فدفنوهم وطاف علي في القتلى فلما أتي علي كعب بن سور قال أزعمتم أنه خرج معهم السفهاء وهذا الحبر قد ترون! وأتى على عبد الرحمن بن عتاب فقال هذا يعسوب القوم يعني أنهم كانوا يطيفون به واجتمعوا على الرضا به لصلاتهم، ومر على طلحة بن عبيد الله وهو صريع فقال لهفي عليك يا أبا محمد إنا لله وإنا إليه راجعون والله لقد كنت أكره أن أرى قريشا صرعى أنت والله كما قال الشاعر:
(فتي كان يدنيه الغنى من صديقه * إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر) وجعل كلما مر برجل فيه خير قال زعم من زعم أنه لم يخرج إلينا إلا الغوغاء وهذا العابد المجتهد فيهم. وصلي على على القتلى من أهل البصرة والكوفة وصلي على قريش من هؤلاء وهؤلاء وأمر فدفنت الأطراف في قبر عظيم وجمع ما كان في العسكر شيء وبعث به إلى مسجد البصرة وقال من عرف شيئا فليأخذه إلا سلاحا كان في الخزائن عليه سمة السلطان. وكان جميع القتلى عشرة آلاف نصفهم من أصحاب على ونصفهم من أصحاب عائشة