أتعلمون لي من سابقة خير وقدم خير قدمه الله لي يحق على كل من جاء بعدي أن يعرفوا لي فضلها فمهلا لا تقتلوني فإنه لا يحل إلا قتل ثلاثة رجل زني بعد إحصانه أو كفر بعد إيمانه أو قتل نفسا بغير حق فإنكم إن قتلتموني وضعتم السيف على رقابكم ثم لم يرفع الله عنكم الاختلاف أبدا.
قالوا أما ما ذكرت من استخارة الناس بعد عمر ثم ولوك فإن كل ما صنع الله خيرة ولكن الله جعلك بلية ابتلي بها عباده وأما ما ذكرت من قدمك وسلفك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كنت كذلك وكنت أهلا للولاية ولكن أحدثت ما علمته ولا نترك إقامة الحق عليك مخافة الفتنة عاما قابلا وأما قولك إنه لا يحل إلا قتل ثلاثة فإنا نجد في كتاب الله قتل غير الثلاثة الذين سميت قتل من سعي في الأرض فسادا وقتل من بغي ثم قاتل على بغيه وقتل من حال دون شيء من الحق ومنعه وقاتل دونه وقد بغيت ومنعت وحلت دونه وكابرت عليه ولم تقد من نفسك من ظلمت وقد تمسكت بالإمارة علينا فإن زعمت أنك لم تكابرنا عليها فإن الذين قاموا دونك ومنعوك منا إنما يقاتلون لتمسكك بالإمارة فلو خلعت نفسك لانصرفوا عن القتال معك!
فسكت عثمان ولزم الدار وأمر أهل المدينة بالرجوع وأقسم عليهم فرجعوا إلا الحسن بن علي وابن عباس ومحمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير وأشباها لهم واجتمع إليه ناس كثير فكانت مدة الحصار أربعين يوما، فلما مضت ثمان عشرة ليلية قدم ركبان من الأمصار فأخبروا بخبر من تهيأ إليهم من الجنود وشجعوا الناس فعندها حالوا بين الناس وبين عثمان ومنعوه كل شيء حتى الماء. فأرسل