وأكلت ما فيها من ظلم وقطيعة رحم وتركت ما فيها من أسماء الله تعالى فجاء جبرائيل إلى النبي فأعلمه بذلك فقال النبي لعمه أبي طالب وكان أبو طالب لا يشك في قوله فخرج من الشعب إلى الحرم فاجتمع الملأ من قريش وقال إن ابن أخي أخبرني أن الله أرسل على صحيفتكم الأرضة فأكلت ما فيها من قطيعة رحم وظلم وتركت اسم الله تعالى فأحضروها فإن كان صادقا علمتم أنكم ظالمون لنا قاطعون لأرحامنا وإن كان كاذبا علمنا أنكم على حق وأنا على باطل.
فقاموا سراعا وأحضروا، فوجدوا الأمر كما قاله رسول الله وقويت نفس أبي طالب واشتد صوته وقال قد تبين لكم أنكم أولى بالظلم والقطيعة فنكسوا رؤوسهم ثم قالوا: إنما تأتوننا بالسحر والبهتان وقام أولئك النفر في نقضها كما ذكرنا وقال أبو طالب في أمر الصحيفة وأكل الأرضة ما فيها من ظلم وقطيعة رحم أبياتا منها:
(وقد كان في أمر الصحيفة عبرة * متى ما يخبر غائب القوم يعجب) (محا الله منهم كفرهم وعقوقهم * وما نقموا من ناطق الحق معرب) (فأصبح ما قالوا من الأمر باطلا * ومن يختلق ما ليس بالحق يكذب) ذكر وفاة أبي طالب وخديجة وعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه على العرب توفي أبو طالب وخديجة قبل الهجرة بثلاث سنين وبعد خروجهم من الشعب فتوفي أبو طالب في شوال أو في ذي القعدة وعمره بضع وثمانون سنة وكانت خديجة ماتت قبله بخمسة وثلاثين يوما وقيل كان بينهما خمسة وخمسون