يده، فصاحت المرأة، فقال خبيب: أتخشين أن أقتله؟ إن الغدر ليس من شأننا. فكانت المرأة تقول: ما رأيت أسيرا خيرا من خبيب؛ لقد رأيته وما بمكة ثمرة وإن في يده لقطفا من عنب يأكله ما كان ألا رزقا رزقه الله خبيبا.
فلما خرجوا من الحرم بخبيب ليقتلوه قال: ردوني أصلي ركعتين، فتركوه فصلاهما فجرت سنة لمن قتل صبرا، ثم قال خبيب: لولا أن تقولوا جزع لزدت، وقال أبياتا، منها:
ولست أبالي حين أقتل مسلما * على أي شق كان في الله مصرعي وذلك في ذات الإفه وإن يشأ * يبارك على أوصال شلو ممزع اللهم أحصهم عددا واقتلهم بددا ثم صلبوه.
وأما عاصم بن ثابت فإنهم أرادوا رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد وكانت نذرت أن تشرب الخمر في رأس عاصم لأنه قتل ابنيها بأحد فجاءت النحل فمنعته، فقالوا: دعوه حتى لمسي فنأخذه. فبعث الله الوادي فاحتمل عاصما، وكان عاهد الله أن لا يمس مشركا ولا يمسه مشرك فمنعه الله في مماته كما منع في حياته.
وأما ابن الدثنة فان صفوان بن أمية بعث به مع غلامه نسطاس إلى التنعيم ليقتله بابنيه فقال نسطاس: أنشدك الله أتحب أن محمدا الآن عندنا مكانك نضرب عنقه وإنك في أهلك. قال: ما أحب أن محمدا الآن مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وأنا جالس في أهلي، فقال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا، ثم قتله نسطاس.
(خبيب بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة بعدها ياء تحتها نقطتان وآخره باء موحدة أيضا. و (البكير) بضم الباء الموحدة تصغير بكر).