فاحتملوه ومكثنا في الغار يومين حتى سكن [عنا] الطلب، ثم خرجنا إلى التنعيم فإذا بخشبة خبيب، وحوله حرس فصعدت خشبته واحتملته على ظهري فما مشيت به إلا نحو أربعين خطوة حتى نذروا بي؛ فطرحته فاشتدوا في أثري فأخذت الطريق فأعيوا ورجعوا وانطلق صاحبي فركب البعير وأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، وأما خبيب فلم ير بعد ذلك، وكأن الأرض ابتلعته. قال: وسرت حتى دخلت غارا بضجنان ومعي قوسي وأسهمي فبينا أنا فيه إذ دخل على رجل من بني الدئل أعور طويل يسوق غنما فقال: من الرجل؟ قلت: من بني الدئل فاضطجع معي ورفع عقيرته يتغنى ويقول:
ولست بمسلم ما دمت حيا * ولست أدين دين المسلمينا ثم نام فقتلته أسوأ قتلة ثم سرت، فإذا رجلان بعثتهما قريش يتجسسان أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرميت أحدهما بسهم فقتلته، واستأسرت الأخر فقدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته الخبر فضحك حتى بدت نواجذه ودعا لي بخير.
وفي هذه السنة تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب بنت خزيمة أم المساكين من بني هلال في شهر رمضان، وكانت قبله عند الطفيل بن الحارث فطلقها.
وولى المشركون الحج في هذه السنة.