الصديق، فلما رأت قريش ذلك حذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا في دار الندوة وهي دار قصي بن كلاب وتشاوروا فيها فدخل معهم إبليس في صورة شيخ وقال: أنا من أهل نجد سمعت بخبركم فحضرت وعسى أن لا تعدموا مني رأيا.
وكانوا عتبة، وشيبة. وأبا سفيان، وطعيمة بن عدي وحبيب بن مطعم والحارث بن عامر، والنضر بن الحارث، وأبا البختري بن هشام وربيعة بن الأسود، وحكيم بن حزام، وأبا جهل ونبيها، ومنبها ابني الحجاج، وأمية بن خلف وغيرهم.
فقال بعضهم لبعض: إن هذا الرجل قد كان من أمره ما كان وما نأمنه على الوثوب علينا بمن اتبعه فأجمعوا فيه رأيا، فقال بعضهم: احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا ثم تربصوا به ما أصاب الشعراء قبله، فقال النجدي: ما هذا لكم برأي لو حبستموه يخرج أمره من وراء الباب إلى أصحابه فلأوشكوا أن يثبوا عليكم فينتزعوه من أيديكم، فقال آخر: نخرجه وننفيه من بلدنا ولا نبالي أين وقع إذا غاب عنا، فقال النجدي: ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه؟ لو فعلتم ذلك لحل على حي من أحياء العرب فيغلب عليهم بحلاوة منطقه ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم ويأخذ أمركم من أيديكم، فقال أبو جهل: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى نسيبا ونعطي كل فتى منهم سيفا، ثم يضربوه ضربة رجل واحد فيقتلوه، فإذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل كلها فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا ورضوا منا بالعقل، فقال النجدي: القول ما قال الرجل هذا الرأي. فتفرقوا على ذلك.