وأبو مريام إلى عمرو وطلبا منه السبايا التي أصيبت بعد المعركة فطردهما فقالا: كل شيء أصبتموه منذ فارقناكم إلى أن رجعنا إليكم ففي ذمة. فقال عمرو لهما: أتغيرون علينا وتكونون في ذمة؟ قالا: نعم. فقسم عمرو بن العاص السبي على الناس، وتفرق في بلدان العرب، وبعث بالأخماس إلى عمر بن الخطاب ومعها وفد، فأخبروا عمر بن الخطاب بحالهم كله وبما قال أبو مريم فرد عمر عليهم سبي من لم يقاتلهم في تلك الأيام الأربعة وترك سبي من قاتلهم فردوهم.
وحضرت القبط باب عمرو وبلغ عمرا انهم يقولون: ما أرث العرب! ما رأينا مثلنا دان لهم؟ فخاف أن يطمعهم ذلك فأمر بجزر فطبخت، ودعا أمراء الأجناد فأعلموا أصحابهم فحضروا عنده وأكلوا أكلا عربيا اتشلوا وحسوا وهم في العباء بغير سلاح فازداد طمعهم، وأمر المسلمين [أن] يحضروا الغد في ثياب [أهل] مصر وأحذيتهم ففعلوا وأذن لأهل مصر فرأوا شيئا غير ما رأوا بالأمس وقام عليهم القوام بألوان مصر فأكلوا أكل أهل مصر فارتاب القبط، وبعث أيضا إلى المسلمين تسلحوا للعرض غدا، [وغدا على العرض]، وأذن لهم فعرضهم عليهم وقال لهم: علمت حالكم حين رأيتم اقتصاد العرب فخشيت أن تهلكوا فأحببت أن أريكم حالهم في أرضهم كيف كانت، ثم حالهم في أرضكم، ثم حالهم في الحرب فقد رأيتم ظفرهم بكم وذلك عيشهم وقد كلبوا على بلادكم بما نالوا في اليوم الثاني فأردت أن تعلموا أن ما رأيتم في اليوم الثالث غير تارك عيش اليوم الثاني وراجع إلى عيش اليوم الأول.