فلسطين بعد أجنادين. فقالوا له: من أين علمت هذا؟. فقال: صاحبها رجل صفته كذا وكذا وذكر صفة عمر. فرجع الرسول إلى عمرو فأخبره الخبر فكتب إلى عمر بن الخطاب يقول: إن أعالج عدوا شديدا وبلادا قد ادخرت لك فرأيك. فعلم عمر أن عمرا لم يقل ذلك إلا بشيء سمعه فسار عمر عن المدينة.
وقيل كان سبب قدوم عمر إلى الشام أن أبا عبيدة حصر بيت المقدس فطلب أهله منه أن يصالحهم على صلح أهل مدن الشام وأن يكون المتولي للعقد عمر بن الخطاب، فكتب اليه بذلك فسار عن المدينة، واستخلف عليها علي بن أبي طالب. فقال له علي: أين تخرج بنفسك؟ إنك تريد عدوا كلبا. فقال عمر: أبادر بالجهاد قبل موت العباس إنكم لو فقدتم العباس لأنتقض بكم الشر كما ينتقض الحبل. فمات العباس لست سنين من خلافة عثمان فانتقض بالناس الشر.
وسار عمر فقدم الجابية على فرس، وجميع ما قدم الشام أربع مرات، الأولى على فرس، والثانية على بعير، والثالثة على بغل، ورجع لأجل الطاعون، والرابعة على حمار، وكتب إلى أمراء الأجناد أن يوافوه بالجابية ليوم سماه لهم في المجردة ويستخلفوا على أعمالهم فلقوه حيث رفعت لهم الجابية. فكان أول من لقيه يزيد، وأبو عبيدة، ثم خالد على الخيول عليهم الديباج والحرير فنزل وأخذ الحجارة ورماهم بها وقال: ما أسرع ما رجعتم عن رأيكم! إياي تستقبلون في هذا الزي؛ وإنما شبعتم مذ سنتين، وبالله لو فعلتم هذا على رأس المائتين لاستبدلت بكم غيركم فقالوا: يا أمير المؤمنين إنها يلامقة