ركب بعيره وقدم مكة وأخبر قريشا ما جرى له وما أشار به صلى الله عليه وسلم عليه فقالوا له: والله ما زاد على أن يسخر بك.
تم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تجهز وأمر الناس بالتهجز إلى مكة، وقال: اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها. فكتب حاطب بن أبي بلتعة كتابا إلى قريش يعلمهم الخبر وسيره مع امرأة من مزينة اسمها كنود، وقيل: مع سارة مولاة لبني المطلب تعلمهم الخبر وسيره معها فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا والزبير فأدركاها بالحليفة وأخذا منها الكتاب وجاءا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحضر حاطبا وقال له: ما حملك على هذا؟ فقال: والله إني لمؤمن بالله ورسوله ما بدلت ولا غيرت، ولكن لي بين أظهرهم أهل وولد وليس لي عشيرة فصانعتهم عليهم، فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنقه فإنه قد نافق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يدريك يا عمر، لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، وأنزل الله [في حاطب] (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء) إلى آخر الآية.
ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف على المدينة أبارهم كلثوم بن حصين الغفاري، وخرج لعشر مضين من رمضان وفتح مكة لعشر بقين منه، فصام حتى بلغ ما بين عسفان وأمج، فأفطروا واستوعب معه المهاجرون والأنصار، فسبعت سليم وألفت مزينة وفي كل القبائل عدد [وإسلام]، وأدركه عيينة بن حصن الفزاري بالعرج، والأقرع بن حابس بالسقيا، ولقيه العباس بن عبد المطلب بالجحفة - وقيل: بذي الحليفة - مهاجرا، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرسل رحله إلي المدينة