يدك قبل أن لا تصل إليك. فقال [عروة]: من هذا يا محمد؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا ابن أخيك المغيرة، فقال: أي غدر وهل غسلت سوأتك [إلا] بالأمس؟ وكان المغيرة قد قتل ثلاثة عشر رجلا من بني مالك وهرب، فتهايج الحيان بنو مالك رهط المقتولين والأحلاف رهط المغيرة فودي عروة للمقتولين ثلاث عشرة دية وأصلح ذلك الأمر.
وطال الكلام بينهما، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم نحو مقالته لبديل، فقال له عروة: يا محمد، أرأيت إن استأصلت قومك فهل سمعت بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك؟ وجعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فوالله لا يتنخم النبي نخامة إلا وقعت في كف أحدهم فدلك بها وجهه وجلده، وإن أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وما يحدون النظر إليه تعظيما له.
فرجع عروة إلى أصحابه وقال: أي قوم قد وفدت على كسري وقيصر والنجاشي فوالله ما رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا، وحدتهم ما رأي وما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال رجل من كنانة: دعوني آته [فقالوا اتته]. فلما أشرف على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال النبي صلى الله عليه وسلم: [هذا فلان وهو] من قوم يعظمون البدن فابعثوها له فبعثت له واستقبله قوم يلبون فلما رأي ذلك قال: سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت.
وقيل: إن قريشا بعثت إليه الحليس بن علقمة وهو سيد الأحابيش فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن هذا من قوم يتألهون فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه. فلما رأي الهدي رجع إلى قريش ولم يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا قوم قد رأيت ما لا يحل صده الهدي في قلائده. فقالوا: اجلس فإنما أنت أعرابي لا علم لك. فقال: والله ما على هذا حالفناكم أن تصدوا عن البيت من جاء معظما له، والذي نفسي بيده لتخلن بين محمد ويبن البيت أو لأنفرن الأحابيش نفرة رجل واحد. قال: فقالوا: مه كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا.