هذا الذي أوفي الله بأذنه.
وبلغ عبد الله بن أبي بن سلول ما كان من أمر أبيه فأتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله بلغني أنك تريد قتل أبي فإن كنت فاعلا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه، وأخشى أن تأمر غيري بقتله فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس فأقتله فأقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار، فقال النبي في صلى الله عليه وسلم: بل نرفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا، فكان بعد ذلك إذا أحدث حدتا عاتبه قومه وعنفوه وتوعدوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب حين بلغه ذلك عنهم: كيف ترى ذلك يا عمر؟ أما والله لو قتلته يوم أمرتني بقتله لأرعدت له أنف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته؟ فقال ضمر: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم بركة من أمري.
وفيها قدم مقيس بن صبابة مسلما فيما يظهر فقال: يا رسول الله جئت مسلما وجئت أطلب دية أخي وكان قتل خطأ، فأمر له بدية أخيه هشام بن صبابة وقد تقدم ذكر قتله آنفا، فأقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير، ثم عدا على قاتل أخيه فقتله ثم خرج إلى مكة مرتدا فقال:
شفى النفس أن قد بات في القاع مسندا * تضرج ثوبيه دماء الأخادع وكانت هموم النفس من قبل قتله * تلم فتحميني وطاء المضاجع حللت به نذري وأدركت ثؤرتي * وكنت إلى الأصنام أول راجع (مقيس بكسر الميم وسكون القاف وفتح الياء تحتها نقطتان، وصبابة بصاد مهملة وببائين موحدتين بينهما ألف، وأسيد بهمزة مضمومة، وحضير بضم الحاء المهملة وفتح الضاد).