جنبوا الخيل وامتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة، وإن ركبوا الخيل فإنهم يريدون المدينة فوالذي نفسي بيده لئن أرادوها لأناجزنهم. قال علي: فخرجت في أثرهم فامتطوا الإبل وجنبوا الخيل يريدون مكة، فأقبلت أصيح ما أستطيع أن أكتم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بالكتمان.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا أن ينظر في القتلى فرأى سعد بن الربيع الأنصاري وبه رمق فقال للذي رآه: أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عني السلام وقل له: جزاك الله عنا خير ما جزي نبيا عن أمته، وأبلغ قومي السلام وقل لهم: لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أذى وفيكم عين تطرف. ثم مات.
ووجد حمزة ببطن الوادي قد بقر بطنه عن كبده ومثل به فجدع أنفه وأذناه فحين رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لولا أن تحزن صفية أو تكون سنة بعدي لتركته حتى يكون في أجواف السباع وحواصل الطير، ولئن أظهرني الله على قريش لأمثلهن بثلاثين رجلا منهم. وقال المسلمون: لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب، فأنزل الله في ذلك (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) الآية فعفا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصبر ونهى عن المثلة.
وأقبلت صفية بنت عبد المطلب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبنها الزبير: لتردها لئلا تري ما بأخيها حمزة فلقيها الزبير فأعلمها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إنه بلغني أنه مثل بأخي وذلك في الله قليل فما أرضانا بما كان من ذلك لأحتسبن ولأصبرن. فأعلم الزبير النبى