الأحابيش وعبدان أهل مكة، فنادى: يا معشر الأوس أنا أبو عامر. فقالوا: فلا أنعم الله بك عينا يا فاسق. فقال: لقد أصاب قومي بعدي شر. ثم في قاتلهم قتالا شديدا حتى راضخهم بالحجارة. وكانت هند كلما مرت بوحشي أو مر بها قالت له: يا أبا دسمة أشف واستشف - وكان يكنى أبا دسمة - فأقبلوا حتى نزلوا بعينين بجبل ببطن السبخة من قناة على شفير الوادي مما يلي المدينة.
فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون قال: إني رأيت بقرا فأولتها خيرا، ورأيت في ذباب سيفي ثلما، ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة فإن رأيتم أن تقيموا بالمدينة وتدعوهم فإن أقاموا أقاموا بشر مقام وإن دخلوا علينا قاتلناهم فيها.
وكان رأى عبد الله بن أبي بن سلول مع رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الخروج، وأشار بالخروج جماعة ممن استشهد يومئذ.
وأقامت قريش يوم الأربعاء والخميس والجمعة، ؤ وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى الجمعة فالتقوا يوم السبت نصف شوال فلما لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاحه وخرج ندم الذين كانوا أشاروا بالخروج إلى قريش وقالوا: استكرهنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونشير عليه، فالوحي يأتيه فيه فاعتذروا إليه وقالوا: اصنع ما شئت. فقال: لا ينبغي لنبي أن يلبس لأمته فيضعها حتى يقاتل.
فخرج في ألف رجل واستخلف علن المدينة ابن أم مكتوم فلما كان بين المدينة واحد عاد عبد الله بن أبي بثلث الناس. فقال: أطاعهم وعصاني وكان من تبعه أهل النفاق والريب واتبعهم عبد الله بن حرام أخو بني سلمة يذكرهم الله أن لا يخذلوا نبيهم. فقالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم وانصرفوا. فقال: أبعدكم الله أعداء الله فسيغني الله عنكم. وبقي رسول