فلم يزل محبوسا حتى مات الرشيد.
وكانت أرمينية قد انتقضت بعد وفاة المهدي، فلم تزل منتقضة أيام موسى، فلما ولى الرشيد خزيمة بن خازم التميمي أرمينية قام بها سنة وشهرين، وضبطها، وصلحت البلاد، وأعطى أهلها الطاعة، ثم ولى الرشيد يوسف بن راشد السلمي مكان خزيمة بن خازم، فنقل إلى البلد جماعة من النزارية، وكان الغالب على أرمينية اليمانية، فكثرت النزارية في أيام يوسف، ثم ولى يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني، فنقل إليها ربيعة من كل ناحية حتى هم اليوم الغالبون عليها، وضبط البلد أشد ضبط، حتى لم يكن به أحد يتحرك، ثم ولى عبد الكبير بن عبد الحميد من ولد زيد بن الخطاب العدوي، وكان منزله حران، فصار إليها في جماعة من أهل ديار مضر، ولم يقم إلا أربعة أشهر حتى صرف، وولى الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي، فسار إليها بنفسه، فلما قدم توجه إلى ناحية الباب والأبواب، فغزا قلعة حمزين، فهزمه أهل حمزين، فانصرف ما يلوي على شئ حتى أتى العراق، واستخلف على البلد عمر بن أيوب الكناني.
فلما صار الفضل إلى العراق، وجه أبا الصباح على خراج أرمينية، وسعيد ابن محمد الحراني اللهبي على حربها، فوثب أهل برذعة على أبي الصباح، فقتلوه، وانتقضت أرمينية، وظهر فيها أبو مسلم الشاري، فولى الفضل خالد بن يزيد بن أسيد السلمي أرمينية، ووجه إليه عبد الملك بن خليفة الحرشي في خمسة آلاف فلقوا أبا مسلم الشاري برويان، فهزمهم، وانصرف أبو مسلم إلى قلعة الكلاب، فأخذها.
واستعمل الرشيد على أرمينية العباس بن جرير بن يزيد بن جرير بن عبد الله البجلي، فلما صار إلى برذعة وثب به البيلقانية، فتحصن منهم في ربض برذعة، ووجه معدان الحمصي إلى أبي مسلم الشاري في ستة آلاف، والتقيا، وكانت بينهما وقعة، وقتل معدان الحمصي، فصار أبو مسلم الشاري إلى دبيل، فحصرها أربعة أشهر ثم انصرف، فصار إلى البيلقان فنزلها.