أيام مروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير وأيام من أيام عبد الملك وكان عبد الله بن الزبير بن العوام، وأمه أسماء بنت أبي بكر، قد تغلب على مكة، وتسمى بأمير المؤمنين، ومال إليه أكثر النواحي، وكان ابتداء أمره في أيام يزيد بن معاوية، على ما اقتصصنا من خبره، ومحاربته للحصين بن نمير، فلما توفي يزيد بن معاوية مال الناس من البلدان جميعا إلى ابن الزبير، وكان بمصر عبد الرحمن بن جحدم الفهري عاملا لابن الزبير، وأهل مصر في طاعته، وبفلسطين ناتل بن قيس الجذامي، وبدمشق الضحاك بن قيس الفهري، وبحمص النعمان بن بشير الأنصاري، وبقنسرين والعواصم زفر بن الحارث الكلابي، وبالكوفة عبد الله بن مطيع، وبالبصرة الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة، وبخراسان عبد الله بن خازم السلمي، ولم تبق ناحية إلا مالت إلى ابن الزبير خلا الأردن، ورئيسها يومئذ حسان بن بحدل الكلبي.
وأخرج ابن الزبير بني أمية من المدينة، وأخذ مروان بالخروج، فأتى عبد الملك ابنه، وهو عليل مجدر، فقال له: يا بني إن ابن الزبير قد أخرجني!
قال: فما يمنعك أن تخرجني معك؟ قال: كيف أخرجك وأنت على هذا الحال؟ قال: لفني في القطن، فإن هذا رأي لم يتعقبه ابن الزبير. فخرج وأخرج عبد الملك، وتعقب ابن الزبير الرأي، فعلم أنه قد أخطأ، فوجه يردهم ففاتوه.
وقدم مروان، وقد مات معاوية بن يزيد، وأمر الشأم مضطرب، فدعا إلى نفسه، واجتمع الناس بالجابية من أرض دمشق، فتناظروا في ابن الزبير وفيما تقدم لبني أمية عندهم، وتناظروا في خالد بن يزيد بن معاوية، وفي عمرو بن