أيام معاوية بن أبي سفيان وملك معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس، وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وبويع بالكوفة في ذي القعدة سنة 40، وكانت الشمس في الحمل درجتين، والقمر في الثور خمس عشرة درجة، وزحل في العقرب تسعا وعشرين درجة، والمشتري في الثور تسعا وعشرين درجة وخمسين دقيقة، والمريخ في الثور ست عشرة درجة، والزهرة في الثور أربع درجات، وعطارد في الحوت ست عشرة درجة. وقدم الكوفة فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد ذلكم، فإنه لم تختلف أمة بعد نبيها إلا غلب باطلها حقها، إلا ما كان من هذه الأمة، فإن حقها غلب باطلها.
ثم نزل.
وأحضر الناس لبيعته، وكان الرجل يحضر فيقول: والله يا معاوية!
إني لأبايعك، وإني لكاره لك، فيقول: بايع، فإن الله قد جعل في المكروه خيرا كثيرا، ويأبى الآخر فيقول: أعوذ بالله من شر نفسك! وأتاه قيس بن سعد بن عبادة فقال: بايع قيس! قال: إن كنت لأكره مثل هذا اليوم، يا معاوية. فقال له: مه، رحمك الله! فقال: لقد حرصت أن أفرق بين روحك وجسدك قبل ذلك، فأبى الله، يا ابن أبي سفيان، إلا ما أحب.
قال: فلا يرد أمر الله. قال: فأقبل قيس على الناس بوجهه، فقال: يا معشر الناس! لقد اعتضتم الشر من الخير، واستبدلتم الذل من العز، والكفر من الايمان، فأصبحتم بعد ولاية أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وابن عم رسول رب العالمين، وقد وليكم الطليق ابن الطليق يسومكم الخسف، ويسير فيكم بالعسف، فكيف نجهل ذلك أنفسكم، أم طبع الله على قلوبكم، وأنتم