بعدي، فيلزمني ومحمدا الوفاء بذلك.
وجعلت لأمير المؤمنين هارون ولمحمد ابن أمير المؤمنين علي الوفاء بما شرطت وسميت في كتابي هذا، ما وفى لي محمد ابن أمير المؤمنين بجميع ما اشترط لي هارون أمير المؤمنين في نفسي، وما أعطاني أمير المؤمنين من جميع الأشياء المسماة في الكتاب الذي كتبه له، وعلي عهد الله وميثاقه، وذمة أمير المؤمنين وذمتي، وذمم آبائي، وذمم المؤمنين، وأشد ما أخذ الله على النبيين والمرسلين، وخلقه أجمعين، من عهوده ومواثيقه، والايمان المؤكدة التي أمر الله بالوفاء بها، فإن أنا نقضت شيئا مما شرطت وسميت في كتابي هذا، أو غيرت، أو بدلت، أو نكثت، أو غدرت، فبرئت من الله، ومن ولايته، ومن دينه ومن محمد رسول الله، ولقيت الله يوم القيامة كافرا به مشركا، وكل امرأة هي اليوم لي، أو أتزوجها إلى ثلاثين سنة طالق ثلاثا البتة، طلاق الحرج، وكل مملوك لي اليوم، أو أملكه إلى ثلاثين سنة، أحرار لوجه الله، وعلي المشي إلى بيت الله الحرام الذي بمكة ثلاثين حجة نذرا واجبا علي، وفي عنقي، حافيا راجلا، لا يقبل الله مني إلا الوفاء به، وكل مال هو لي اليوم، أو أملكه إلى ثلاثين سنة هدي بالغ الكعبة، وكل ما جعلت لعبد الله هارون أمير المؤمنين وشرطت في كتابي هذا لازم لي لا أضمر غيره ولا أنوي سواه.
وشهد الشهود الذين شهدوا على أخيه محمد ابن أمير المؤمنين، وأقام الرشيد الحج للناس، وأمر بتعليق هذين الكتابين، فعلقا أيام الموسم على باب الكعبة، وقرئا على الناس عدة مرار، وجعلا في الكعبة.
وانصرف الرشيد، فنزل الحيرة، فأقام أياما، ثم مضى على طريق البرية، فنزل بموضع من الأنبار يقال له الحرف، بدير يقال له العمر، وأقام يومه، وقتل جعفر بن يحيى بن خالد وزيره في تلك الليلة بغير أمر متقدم قبل ذلك، وأصبح، فحمله إلى بغداد، فقطع ثلاث قطع، وصلب على جسر بغداد، ولبغداد يومئذ ثلاثة جسور، وحبس يحيى بن خالد بن برمك وولده وأهل بيته،