أيام معاوية بن يزيد بن معاوية ثم ملك معاوية بن يزيد بن معاوية، وأمه أم هاشم بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة، أربعين يوما، وقيل: بل أربعة أشهر، وكان له مذهب جميل، فخطب الناس، فقال: أما بعد حمد الله والثناء عليه، أيها الناس فإنا بلينا بكم وبليتم بنا فما نجهل كراهتكم لنا وطعنكم علينا، ألا وان جدي معاوية ابن أبي سفيان نازع الامر من كان أولى به منه في القرابة برسول الله، وأحق في الاسلام، سابق المسلمين، وأول المؤمنين، وابن عم رسول رب العالمين، وأبا بقية خاتم المرسلين، فركب منكم ما تعلمون، وركبتم منه ما لا تنكرون، حتى أتته منيته وصار رهنا بعمله، ثم قلد أبي وكان غير خليق للخير، فركب هواه، واستحسن خطأه، وعظم رجاؤه، فأخلفه الامل، وقصر عنه الاجل، فقلت منعته، وانقطعت مدته، وصار في حفرته رهنا بذنبه، وأسيرا بجرمه.
ثم بكى، وقال: إن أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه وقبح منقلبه، وقد قتل عترة الرسول، وأباح الحرمة، وحرق الكعبة، وما أنا المتقلد أموركم، ولا المتحمل تبعاتكم، فشأنكم أمركم، فوالله لئن كانت الدنيا مغنما لقد نلنا منها حظا، وإن تكن شرا فحسب آل أبي سفيان ما أصابوا منها.
فقال له مروان بن الحكم: سنها فينا عمرية! قال: ما كنت أتقلدكم حيا وميتا، ومتى صار يزيد بن معاوية مثل عمر، ومن لي برجل مثل رجال عمر. وتوفي وهو ابن ثلاث وعشرين سنة، وصلى عليه خالد بن يزيد بن معاوية، وقيل بل عثمان بن محمد بن أبي سفيان، ودفن بدمشق، وكان بها ينزل.