أيام المهدي وهو محمد بن عبد الله المنصور، وأمه أم موسى بنت منصور بن عبد الله بن ذي سهم بن يزيد الحميري، وبويع في اليوم الذي توفي فيه المنصور، وأخذ الربيع له البيعة بمكة على من حضر من الهاشميين والقواد، وكان صالح بن المنصور حاضرا وموسى بن المهدي، فأنفذ إليه الخبر مع منارة مولى أبي جعفر ووصيته، فسار منارة اثني عشر يوما إلى بغداد، والمهدي بها، فأحضر القواد والهاشميين والصحابة، فبايعوا.
وكانت الشمس يومئذ في الميزان أربعا وعشرين درجة وخمسين دقيقة، والقمر في الجوزاء عشرين درجة وخمسين دقيقة، وزحل في الميزان ثماني عشرة درجة وخمسين دقيقة، والمشتري في الجدي سبع عشرة درجة وأربعين دقيقة، والمريخ في الجوزاء خمس درجات وأربعين دقيقة راجعا، والزهرة في الميزان خمسا وعشرين درجة وأربعين دقيقة، وعطارد في العقرب ثماني عشرة درجة وعشر دقائق، والرأس في الثور تسع درجات وعشر دقائق.
وقرأ المهدي وصية أبي جعفر وكانت نسختها: بسم الله الرحمن الرحيم!
هذا ما عهد عبد الله أمير المؤمنين إلى المهدي محمد ابن أمير المؤمنين، ولي عهد المسلمين، حين أسند وصيته إليه بعده، واستخلفه على الرعية من المسلمين، وأهل الذمة، وحرم الله وخزائنه، وأرضه التي يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين. إن أمير المؤمنين يوصيك بتقوى الله في البلاد، والعمل بطاعته في العباد، ويحذرك الحسرة والندامة والفضيحة في القيامة، قبل حلول الموت، وعاقبة الفوت حين تقول: رب لولا أخرتني إلى أجل قريب. هيهات أين منك المهل، وقد انقضى عنك الاجل. وتقول: رب أرجعني لعلي أعمل