أيام جعفر المتوكل وبويع جعفر بن المعتصم، وأمه أم ولد يقال لها شجاع، يوم الأربعاء لست بقين من ذي الحجة سنة 232، وكان أول من بايعه سيما التركي، المعروف بالدمشقي، ووصيف التركي، وركب إلى دار العامة من ساعته وأمر بإعطاء الجند لثمانية أشهر، وسلم عليه أولاد سبعة خلفاء مجتمعين: منصور بن المهدي، والعباس بن الهادي، وأحمد بن الرشيد، وعبد الله بن الأمين، وموسى بن المأمون وإخوته، وأبو أحمد بن المعتصم وإخوته، ومحمد بن الواثق، وأقر الأمور على ما كانت عليه أربعين صباحا، ثم سخط على محمد بن عبد الملك واصطفى أمواله وعذبه حتى مات، وكان يعتد عليه بأمور كثيرة.
وكان محمد رجلا شديد القسوة، قليل الرحمة، جباها للناس، كثير الاستخفاف بهم، لا يعرف له إحسان إلى أحد، ولا معروف عنده، وكان يقول: الحياء خنث، والرحمة ضعف، والسخاء حمق. فلما نكب لم ير إلا شامت به وفرح بنكبته.
وكتب المتوكل إلى علي بن محمد بن علي الرضى بن موسى بن جعفر بن محمد في الشخوص من المدينة، وكان عبد الله بن محمد بن داود الهاشمي قد كتب يذكر أن قوما يقولون إنه الامام، فشخص عن المدينة، وشخص يحيى ابن هرثمة معه حتى صار إلى بغداد، فلما كان بموضع يقال له الياسرية نزل هناك، وركب إسحاق بن إبراهيم لتلقيه، فرأى تشوق الناس إليه واجتماعهم لرؤيته، فأقام إلى الليل، ودخل به في الليل، فأقام ببغداد بعض تلك الليلة، ثم نفذ إلى سر من رأى.
ونهى المتوكل الناس عن الكلام في القرآن، وأطلق من كان في السجون