غزاة مؤتة ووجه جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة في جيش إلى الشأم لقتال الروم سنة 8، وروى بعضهم أنه قال: أمير الجيش زيد بن حارثة، فإن قتل زيد بن حارثة فجعفر بن أبي طالب، فإن قتل جعفر بن أبي طالب فعبد الله بن رواحة، فإن قتل عبد الله بن رواحة فليرتض المسلمون من أحبوا. وقيل: بل كان جعفر المقدم ثم زيد بن حارثة ثم عبد الله بن رواحة، وصار إلى موضع يقال له مؤتة، من الشأم من البلقاء من أرض دمشق، فأخذ زيد الراية فقاتل حتى قتل، ثم أخذها جعفر فقطعت يده اليمنى فقاتل باليسرى فقطعت يده اليسرى ثم ضرب وسطه، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقتل، فرفع لرسول الله كل خفض، وخفض له كل رفع حتى رأى مصارعهم، وقال:
رأيت سرير جعفر المقدم فقلت: يا جبريل إني كنت قدمت زيدا. فقال:
إن الله قدم جعفرا لقرابتك. ونعاهم رسول الله فقال: أنبت الله لجعفر جناحين من زبرجد يطير بهما من الجنة حيث يشاء، واشتد جزعه وقال: على جعفر فلتبك البواكي، وتأمر خالد بن الوليد على الجيش.
قالت أسماء بنت عميس الخثعمية، وكانت امرأة جعفر وأم ولده جميعا:
دخل علي رسول الله، ويدي في عجين، فقال: يا أسماء أين ولدك؟ فأتيته بعبد الله ومحمد وعون، فأجلسهم جميعا في حجره وضمهم إليه ومسح على رؤوسهم ودمعت عيناه. فقلت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله! لم تفعل بولدي كما تفعل بالأيتام؟ لعله بلغك عن جعفر شئ؟ فغلبته العبرة وقال: رحم الله جعفرا!
فصحت: وا ويلاه وا سيداه! فقال: لا تدعي بويل ولا حرب، وكل ما قلت فأنت صادقة. فصحت: وا جعفراه! وسمعت صوتي فاطمة بنت رسول الله،