واستخفافه بحق الله فيما نكث من ذلك، واشتغاله بالخصيان، فاتفق رأيهم على مراسلته، فإن رجع، وإلا خلعوه.
وبلغ محمدا ذلك، فجمع قواده، وذكر لهم خلع المأمون إياه وندبهم إلى الخروج إليه، فاختاروا عصمة بن أبي عصمة السبيعي، فسير معه جيشا كثيفا، فخرج حتى صار إلى حد خراسان، ثم وقف وكتب إليه يحركه على المسير، فامتنع، فقال: أخذت علينا البيعة أن لا ندخل خراسان، وأخذت عليك ألا تدخلها، ولا ترسل أحدا إليها، فإن جاءني إنسان من قبل المأمون إلى هاهنا قاتلته، وإلا لم أجز الحد، فوجه محمد علي بن عيسى بن ماهان واليا على خراسان، وأمره بإشخاص المأمون ومن معه، وضم إليه من القواد والجند أربعين ألف مرتزق، وحملت إليه الأموال، ودفع إليه قيد فضة، وقال: إذا قدمت خراسان قيد بهذا القيد المأمون، واحمله إلى ما قبلي، فلما أتى المأمون الخبر ندب طاهر بن الحسين بن مصعب البوشنجي للخروج، وقبل ذلك كان قد ولاه كورة بوشنج وأزاح علته بالكراع والأموال، ونفذ، فلقي علي بن عيسى بالري في سنة 195، وعلي بن عيسى في خلق عظيم، وطاهر بن الحسين في خمسة آلاف، فخرج علي بن عيسى في نفر يسير يدور حول العسكر، وبصر به طاهر بن الحسين، فأسرع إليه في جماعة من أصحابه، فلاقى عليا، وهو على برذون أصفر، وعليه طليلسان كحلي طويل، فدافع عنه من كان معه حتى قتل جماعة وركض، فاتبعه طاهر وحده، فضربه بسيفه حتى أثخنه، سقط إلى الأرض، فنزل واحتز رأسه، ورجع إلى معسكره، ونصب الرأس على رمح ونادى في عسكر علي بن عيسى: قتل الأمير! وبلغ أصحابه به خبره، فانهزموا، وأسلموا الخزائن والكراع، فلم يبت طاهر حتى حوى جميع ما كان في عسكره، فاستأمن إليه كثير من أصحابه.
وكتب طاهر بالفتح إلى المأمون إلى مرو، ووجه بالرأس إليه مع رجل من أصحابه، فلما دخل على ذي الرئاستين سأله عن الخبر، فذهل، وانقطع