غزاة الحديبية ثم كانت غزاة الحديبية. خرج رسول الله في سنة 6 يريد العمرة، ومعه ناس وساق من الهدي سبعين بدنة. وساق أصحابه أيضا، وخرجوا بالسلاح، فصدته قريش عن البيت، فقال: ما خرجت أريد قتالا وإنما أردت زيارة هذا البيت، وقد كان رسول الله رأى في المنام أنه دخل البيت وحلق رأسه وأخذ المفتاح. فأرسلت إليه قريش مكرز بن حفص فأبى أن يكلمه، وقال:
هذا رجل فاجر. فبعثوا إليه الحليس بن علقمة من بني الحارث بن عبد مناة، وكان من قوم يتألهون، فلما رأى الهدي قد أكلت أوبارها رجع فقال: يا معاشر قريش إني قد رأيت ما لا يحل صده عن البيت. فبعثوا بعروة بن مسعود الثقفي، فكلم رسول الله، فقال له رسول الله: يا عروة أفي الله أن يصد هذا الهدي عن هذا البيت؟ فانصرف إليهم عروة بن مسعود فقال: تالله ما رأيت مثل محمد لما جاء له. فبعثوا إليه سهيل بن عمرو فكلم رسول الله وأرفقه وقال:
نخليها لك من قابل ثلاثة أيام. فأجابهم رسول الله وكتبوا بينهم كتاب الصلح ثلاث سنين، وتنازعوا بالكتاب لما كتب: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله، حتى كادوا أن يخرجوا إلى الحرب. وقال سهيل بن عمرو والمشركون:
لو علمنا أنك رسول الله ما قاتلناك. وقال المسلمون: لا تمحها. فأمر رسول الله أن يكفوا، وأمر عليا فكتب: باسمك اللهم، من محمد بن عبد الله، وقال:
اسمي واسم أبي لا يذهبان بنبوتي. وشرطوا أنهم يخلون مكة له من قابل ثلاثة أيام ويخرجون عنها حتى يدخلها بسلاح الراكب، وأن الهدنة بينهم ثلاث سنين لا يؤذون أحدا من أصحاب رسول الله ولا يمنعونه من دخول مكة، ولا يؤذي أحد من أصحاب رسول الله أحدا منهم، ووضع الكتاب على يد سهيل بن