أيام احمد المستعين وبويع أحمد بن محمد بن المعتصم في اليوم الذي توفي فيه المنتصر، وهو يوم السبت لأربع خلون من شهر ربيع الآخر، وكانت الشمس يومئذ في الجوزاء خمس عشرة درجة وإحدى عشرة دقيقة، وزحل في السنبلة ست عشرة درجة وسبع دقائق، والمشتري في الجوزاء خمس عشرة درجة، والمريخ في الجوزاء ثلاث درجات وسبعا وعشرين دقيقة، والزهرة في السرطان أربع عشرة درجة واثنتين وعشرين دقيقة، وعطارد في السرطان أربع درجات واثنتين وعشرين دقيقة، ولم يكن يؤهل للخلافة، ولكنه لما توفي المنتصر استوحش الأتراك من ولد المتوكل، وخشوا سوء العاقبة، فأشار عليهم أحمد بن الخصيب أن يبايعوا أحمد بن محمد بن المعتصم، فبايعوه، وأنكر بعض القواد البيعة، وجرى بين الأتراك والأبناء منازعات حتى تحاربوا ثلاثة أيام، ثم ضعف أمر الأبناء، وفرق المستعين في الناس أموالا كثيرة، واستقامت أموره، وغلب على أمره اوتامش التركي، وشجاع بن القاسم كاتب اوتامش، وأحمد بن الخصيب، حتى لم يبق لاحد معهم أمر، ثم تحامل الأتراك على أحمد بن الخصيب فسخط المستعين عليه، ونفاه إلى المغرب بعد أربعة أشهر من ولايته، فحمل في البحر إلى اقريطش، ثم حمل إلى القيروان.
ولم يكن أصحاب المستعين لاحد أخوف منهم لصاحب خراسان، وتوفي طاهر بن عبد الله بن طاهر في رجب سنة 248، وهو ابن أربع وأربعين سنة، فأفرخ روعهم، ودبروا أن يخرجوا محمد بن عبد الله من العراق إلى خراسان، فقال له المستعين أن ينفذ إلى خراسان، فقال: إن أخي قد أوصى إلى ابنه، ولا آمن أن يكون في خروجي فساد البلد. فكتب المستعين إلى محمد بن طاهر بن عبد الله