وسبى خلقا من المسلمين، وقتل عالما، وحرق البلاد، وقتل النساء والصبيان.
فلما بلغ الرشيد خبره وجه المحاب 1، وأمره أن يعرض على سعيد بن سلم، ويقيمه للناس، فلما وافى البلد أعطاه سعيد مالا، فمال المحاب 2 إلى أخذ المال، فبلغ الرشيد ذلك فوجه نصر بن حبيب المهلبي عاملا على البلد، فلم يلبث إلا يسرا حتى عزله، وولى علي بن عيسى بن ماهان، فلما قدم ساءت سيرته، ووثب به أهل شروان، واضطرب البلد، فولى الرشيد يزيد بن مزيد الشيباني، ورد عليا إلى خراسان، وجمعت ليزيد بن مزيد أرمينية وأذربيجان، فلما قدم تلاءمت الناس، وأصلح البلد، وساوى بين النزارية واليمانية، وكتب إلى أبناء الملوك والبطارقة يبسط آمالهم، فاستوى البلد.
ثم ولى الرشيد خزيمة بن خازم التميمي، فأخذ البطارقة وأبناء الملوك، فضرب أعناقهم، وسار فيهم أسوأ سيرة، فانتقضت جرجان والصنارية، فأنفذ إليهم جيشا، فقتلوه، فوجه إليهم سعيد بن الهيثم بن شعبة بن ظهير التميمي في جيش عظيم، فقاتل أهل جرجان والصنارية حتى أجلاهم عن البلاد، وانصرف إلى تفليس، فأقام خزيمة بن خازم أقل من سنة، ثم عزله، وولى سليمان ابن يزيد بن الأصم العامري، وكان شيخا عفيفا، مغفلا، فضعف حتى لم يكن له أمر يجوز، حتى كاد أن يغلب على البلد. وولى الرشيد العباس بن زفر الهلالي، فانتقضت عليه الصنارية، فقاتلهم، وضعف عنهم، فوجه الرشيد محمد بن زهير بن المسيب الضبي، وكان آخر عمال الرشيد على أرمينية.
وخلع أهل حمص سنة 190، ووثبوا على واليهم، فخرج الرشيد نحوهم، فلما صار بمنبج لقيه وفدهم يعطون بأيديهم ويسألون الإقالة، فعفا عنهم، ونفذ إلى بلاد الروم، فغزا الصائفة، وفتح هرقلة والمطامير.
وحجت أم جعفر بنت جعفر بن المنصور في هذه السنة، وهي سنة 190، فنال الناس عطش شديد، وغارت زمزم حتى لم يوجد فيها من الماء إلا القليل،