ومقام ضيق فرجته * بلساني وبياني وجدل لو يقوم الفيل أو فياله * زل عن مثل مقامي وزحل قال: ثم خرج، فأتبعه الرشيد بصره، وقال: أما والله لولا الابقاء على بني هاشم لضربت عنقك.
وخرج هارون الرشيد إلى الري سنة 189، فلما صار بقرماسين بايع لابنه القاسم بولاية العهد بعد المأمون، وكان بين البيعة للمأمون وبيعة القاسم ست سنين، ثم سار حتى نزل الري، وكتب إلى محمد ابنه، وكان ببغداد، يأمره بالخروج إلى الري والقيام بما خلف بها، وكتب إلى بنداد هرمز، صاحب طبرستان، فخرج، وشروين صاحب طخارستان، فخرج بنداد هرمز على يدي هرثمة بن أعين، وأخرج ابنه قارون، فصيره في معسكر الرشيد، فانصرف الرشيد من الري، واستخلف عبد الله بن مالك الخزاعي على قومس، وطبرستان، ودنباوند، وسار إلى بغداد، فمر بها نهارا ولم ينزلها، فلما صار إلى الجسر أمر بتحريق جثة جعفر بن يحيى وقتل الوليد بن جشم، وولى الرشيد علي بن عيسى بن ماهان خراسان مكان منصور بن يزيد بن منصور الحميري سنة 189، وضم إليه جماعة من القواد فيهم: رافع بن الليث الليثي، وأمره أن لا يستعمله على بلد قاصيا، فلما قدم علي بن عيسى خراسان استعمل رافع بن الليث على سمرقند، فلم يحل عليه الحول حتى خلع، ونادى بالمعصية، وحارب.
وبلغ الرشيد أن ذلك عن تدبير من علي بن عيسى، فوجه هرثمة بن أعين في أربعة آلاف كأنه مدد لعلي بن عيسى، حتى دخل المدينة، ثم صار إلى دار الامارة، وأدخل الجند الذين معه الدار، وأخرج الكتاب فدفعه إلى علي بن عيسى، فلما قرأه قال: أسامع أنت مطيع؟ قال: نعم! فدعا بقيد ثقيل، فقيده، ثم أخرجه من ساعته، وخرج معه، حتى جاز من عمل مرو، وبعث به مع رسل من قبله إلى الرشيد، وأمر الرشيد بحبسه وحبس ولده، وقبض أمواله،