قد كن يخبأن الوجوه تسترا * فاليوم جئن برزن للنظار ثم قاضى من ساعته، فلما بلغ الرشيد خبر وفاته، اشتد جزعه عليه، فدخل على جارية، فقالت: يا أمير المؤمنين! إن عيسى كان يريد بك ما صار إليه، فأحاقه الله به، وهذا مسرور وحسين يعلمان ذلك. فقالا: صدقت!
فتسلى ودعا بالطعام، وصار هارون إلى طوس، فنزل قرية يقال لها سناباذ، وهو شديد العلة، وتوفي مستهل جمادى الأولى سنة 193، وهو ابن ست وأربعين سنة، وصلى عليه ابنه صالح بن هارون، وكان المأمون قد نفذ إلى مرو قبل ذلك بثلاثة وعشرين يوما، وجاء نعيه من طوس إلى مدينة السلام يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى، وخلف من الولد اثني عشر ذكرا: عبد الله المأمون، ومحمدا الأمين، والقاسم، وأبا إسحاق المعتصم، وأبا عيسى، وأبا العباس، وعليا، وصالحا، وأبا يعقوب، وأبا علي، وأبا أحمد، وأبا أيوب، وكل مكني من بني هاشم فاسمه محمد.
وأقام الحج في ولايته سنة 170 هارون الرشيد، سنة 171 عبد الصمد بن علي، سنة 172 يعقوب بن المنصور، سنة 173 الرشيد، سنة 174 وسنة 175 الرشيد، سنة 176 سليمان بن أبي جعفر، سنة 177 الرشيد، سنة 178 محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي، سنة 179 الرشيد، وكان قد اعتمر فلم يزل معتمرا حتى حج، فانصرف إلى البصرة، سنة 180 موسى بن عيسى، وجهه هارون من الرقة، سنة 181 الرشيد، سنة 182 موسى بن عيسى، سنة 183 العباس بن موسى، سنة 184 إبراهيم بن المهدي، سنة 185 منصور بن المهدي، سنة 186 الرشيد، سنة 187 عبد الله بن العباس بن محمد، سنة 188 الرشيد، وهي آخر حجة حجها، ولم يحج بعده خليفة، سنة 189 العباس بن موسى بن عيسى، سنة 190 عيسى بن موسى الهادي، سنة 191 الفضل بن العباس بن محمد بن علي، سنة 192 العباس بن عبد الله بن جعفر بن أبي جعفر.