لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ - تقي الدين محمد بن فهد المكي - الصفحة ٩٨
فسمع في رحلته بالإسكندرية من الشرف محمد بن عبد الخالق بن طرخان جامع الترمذي وبمصر من العزعبد العزيز بن عبد المنعم الحراني
وفي دين المسلمين أو متقولا تعود ان يخطب في كل واد وان يهرف بما لا يعرف، وترى بعض كتاب العصر يسترسلون في طرق هذه الأبواب ولا يتحاشون ان يبدوا هذه المحاكم الشرعية العلنية بمظاهر همجية كالمحاكم السرية عند الغربيين كأنهم كانوا يحكمون بالرؤيا لا بالبينة الشرعية فحاشا قضاة المالكية ان يصدر منهم هذا واليهم كان يتحاكم الملوك والامراء في ذلك العهد فيصدرون حكمهم فيهم بلا محاباة فكأن هذا الكاتب يشير بذلك إلى ما سطره ابن حجر في ترجمة إسماعيل بن سعيد انه بعد أن سجن أتى رجل من الصالحين إلى القاضي وحكى له رؤيا رآها. ولكن لم يكن حكمه بها بل بالبينة الصادقة الشرعية فانظر إلى ما بعد كلامه: وعقد مجلس وأقيمت عليه البينة بأمور معضلة فامر به فقتل بحكم المالكي (وهو الأخنائي المعروف بدينه وأمانته) فأنت ترى انه بعد أن قامت البينة حكم القاضي لا بالرؤيا كما أن شرعية الاذان بدليل خاص شرعي لا برؤيا الأصحاب، وبعض كتاب العصر لهم شغف بنقل حادثة جزئية نقلا مبتورا وجعلها عامة شاملة استدلالا بجزئي على كلي حسب منطقهم كأن نقول هذا الكاتب متخبط فكل كاتب متخبط وهذا من الاستنتاجات التي لا تقبل الا عند هذا الكاتب واما في مسألتنا هذه فليست حادثة جزئية كما يريدها حتى يتسنى له ان يجعلها عامة شاملة حسب منطقه ولله الحمد والمنة. نعم يجب على القضاة غاية الأناة في أحكامهم لا سيما في الدماء ومن ثمة ترى الذهبي يوصي القضاة المالكية بعدم التسرع في الحكم بالدماء في كتابه (بيان زغل العلم) فان وجد بالفرض بينهم من يخل بواجبه فأمره إلى الله وعلى ولي الأمر فصله عن القضاء إذا ثبت ذلك لا ان يوصم جميع القضاة في أقضيتهم في الدماء والأموال والأبضاع فهذا هو عين الدعوة إلى الفوضى.