اجلس إلى سارية من هذه السواري حتى نجلس إليك، فلما عزمت على الجلوس اتفق أنه مرض، ولم يقدر له بعد ذلك الخروج إلى المسجد (1)...
إلى أن قال أبو محمد القاسم: وكان أبي رحمه الله قد سمع أشياء لم يحصل منها نسخا اعتمادا على نسخ رفيقه الحافظ أبي علي بن الوزير (2)، وكان ما حصله ابن الوزير لا يحصله أبي، وما حصله أبي لا يحصله ابن الوزير، فسمعت أبي ليلة يتحدث مع صاحب له في الجامع، فقال: رحلت وما كأني رحلت، كنت أحسب أن ابن الوزير يقدم بالكتب مثل " الصحيحين " وكتب البيهقي والاجزاء، فاتفق سكناه بمرو، وكنت أؤمل وصول رفيق آخر له يقال له: يوسف بن فاروا الجياني، ووصول رفيقنا أبي الحسن المرادي (3)، وما أرى أحدا منهم جاء، فلابد من الرحلة ثالثة وتحصيل الكتب والمهمات. قال: فلم يمض إلا أيام يسيرة حتى قدم أبو الحسن المرادي، فأنزله أبي في منزلنا، وقدم بأربعة أسفاط كتب مسموعة، ففرح أبي بذلك شديدا، وكفاه الله مؤنة السفر، وأقبل على تلك الكتب، فنسخ واستنسخ وقابل، وبقي من مسموعاته أجزاء نحو الثلاث مئة، فأعانه عليها أبو سعد السمعاني، فنقل إليه منها جملة حتى لم يبق عليه أكثر من عشرين جزءا، وكان كلما حصل له جزء منها كأنه قد حصل على ملك الدنيا (4).
قال ابن النجار: قرأت بخط معمر بن الفاخر في " معجمه ": أخبرني