فتلاءم على شيركوه ولم يف له، وعمل قبائح، واستنجد بالفرنج، وكادوا أن يملكوا مصر، وجرت أمور عجيبة، ثم استظهر شيركوه، وتمرض، فعاده شاور، فشد عليه جرديك النوري (1)، فقتله في ربيع الآخر سنة أربع وستين، وقيل، بل قتله صلاح الدين لا جرديك (2).
قال إمام مسجد الزبير إبراهيم بن إسماعيل الهاشمي: تملك شاور البلاد، ولم شعث القصر، وأدر الأرزاق الكثيرة على أهل القصر، وكان قد نقصهم الصالح أشياء كثيرة، وتجبر وظلم - أعني شاور - فخرج عليه الأمير ضرغام (3) وأمراء، وتهيؤوا لحربه، ففر إلى الشام، وقتل ولده طي في رمضان سنة ثمان وخمسين، واختبط الناس، وأقبلت الروم إلى الحوف، فحاصروا بلبيس، وجرت وقعة كبرى قتل فيها خلق، ورد العدو إلى الشام، فأتى شاور، فاجتمع بنور الدين، فأكرمه، ووعده بالنصرة، وقال شاور له:
أنا أملكك مصر، فجهز معه شيركوه بعد عهود وأيمان، فالتقى شيركوه هو وعسكر ضرغام، فانكسر المصريون، وحوصر ضرغام بالقاهرة، وتفلل جمعه، فهرب، فأدرك وقتل عند جامع ابن طولون، وطيف برأسه، ودخل شاور، فعاتبه العاضد على ما فعل من تطريق الترك إلى مصر، فضمن له أن يصرفهم، فخلع عليه، فكتب إلى الروم يستنفرهم ويمنيهم، فأسقط في يد شيركوه، وحاصر القاهرة، فدهمته الروم، فسبق إلى بلبيس، فنزلها، فحاصره العدو بها شهرين، وجرت له معهم وقعات، ثم فتروا، وترحلوا، وبقي خلق من الروم يتقوى بهم شاور، وقرر لهم مالا، ثم فارقوه.