وقال الجبائي: كنت أسمع في " الحلية " على ابن ناصر، فرق قلبي، وقلت: اشتهيت لو انقطعت، وأشتغل بالعبادة، ومضيت، فصليت خلف الشيخ عبد القادر، فلما جلسنا، نظر إلي، وقال: إذا أردت الانقطاع، فلا تنقطع حتى تتفقه وتجالس الشيوخ وتتأدب، وإلا فتنقطع وأنت فريخ ما ريشت.
وعن أبي الثناء النهر ملكي قال: تحدثنا أن الذباب ما يقع على الشيخ عبد القادر، فأتيته، فالتفت إلي، وقال: أيش يعمل عندي الذباب، لا دبس الدنيا، ولا عسل الآخرة.
قال أبو البقاء العكبري: سمعت يحيى بن نجاح الأديب يقول: قلت في نفسي: أريد أن أحصي كم يقص الشيخ عبد القادر شعر تائب، فحضرت المجلس ومعي خيط، فلما قص شعرا، عقدت عقدة تحت ثيابي من الخيط وأنا في آخر الناس، وإذا به يقول: أنا أحل وأنت تعقد؟!
قال ابن النجار: سمعت شيخ الصوفية عمر بن محمد السهروردي يقول: كنت أتفقه في صباي، فخطر لي أن أقرأ شيئا من علم الكلام، وعزمت على ذلك من غير أن أتكلم به، فصليت مع عمي أبي النجيب، فحضر عنده (1) الشيخ عبد القادر مسلما، فسأله عمي الدعاء لي، وذكر له أني مشتغل بالفقه، وقمت فقبلت يده، فأخذ يدي، فقال: تب مما عزمت عليه من الاشتغال به، فإنك تفلح، ثم سكت، ولم يتغير عزمي عن الاشتغال بالكلام حتى شوشت علي جميع أحوالي، وتكدر وقتي، فعلمت أن ذلك بمخالفة الشيخ (2).