وكان الخطباء إذا دعوا له بعد ابن تومرت، قالوا: قسيمه في النسب الكريم (1).
مولده سنة سبع وثمانين وأربع مئة (2).
وكان أبيض جميلا، ذا جسم عمم (3)، تعلوه حمرة، أسود الشعر، معتدل القامة، جهوري الصوت، فصيحا جزل المنطق، لا يراه أحد إلا أحبه بديهة، وكان في كبره شيخا وقورا، أبيض الشعر، كث اللحية، واضح بياض الأسنان، وكان عظيم الهامة، طويل القعدة، شثن الكف، أشهل العين، على خده الأيمن خال، يقال: كان في صباه نائما، فسمع أبوه دويا، فإذا سحابة سمراء من النحل قد أهوت مطبقة على بيته، فنزلت كلها على الصبي، فما استيقظ، فصاحت أمه، فسكنها أبوه، وقال: لا بأس، لكني متعجب مما تدل عليه، ثم طارت عنه، وقعد الصبي سالما، فذهب أبوه إلى زاجر، فذكر له ما جرى، فقال: يوشك أن يكون لابنك شأن، يجتمع عليه طاعة أهل المغرب (4).
وكان محمد بن تومرت (5) قد سافر في حدود الخمس مئة إلى المشرق، وجالس العلماء، وتزهد، وأقبل على الانكار على الدولة بالإسكندرية وغيرها، فكان ينفى ويؤذى، ففي رجعته إلى إفريقية هو ورفيقه