متولي الإسكندرية ابن السلار هذا، وأقبل يطلب الوزارة، فعدى ابن مصال إلى نحو الجيزة في سنة أربع وأربعين وخمس مئة لما سمع بمجئ ابن السلار، ودخل ابن السلار، وعلا شأنه، واستولى على الممالك بلا ضربة ولا طعنة، ولقب بالملك العادل أمير الجيوش، فحشد ابن مصال، وجمع، وأقبل، فأبرز ابن السلار لمحاربته أمراء، فالتقوا، فكسر ابن مصال بدلاص (1)، وقتل، ودخل برأسه على رمح في ذي القعدة من السنة، واستوسق الدست للعادل (2).
وكان بطلا شجاعا، مقداما مهيبا شافعيا سنيا، ليس على دين العبيدية، احتفل بالسلفي، وبنى له المدرسة، لكنه فيه ظلم وعسف وجبروت.
قال ابن خلكان (3): كان جنديا فدخل على الموفق التنيسي، فشكا إليه غرامة، فقال: إن كلامك ما يدخل في أذني، فلما وزر اختفى الموفق، فنودي في البلد: من أخفاه فدمه هدر. فخرج في زي امرأة، فأخذ، فأمر العادل بلوح ومسمار، وسمر في أذنه إلى اللوح، ولما صرخ، قال: دخل كلامي في أذنك أم لا؟
وجاء من إفريقية عباس بن أبي الفتوح بن الأمير يحيى بن باديس صبيا مع أمه، فتزوجها العادل قبل الوزارة، ثم تزوج عباس، وجاءه ابن سماه نصرا، فأحبه العادل، ثم جهز عباسا إلى الشام للجهاد، فكره السفر،