ابن سعد بن محمد صاحب شرق الأندلس.
فمن عجيب ما صح عندي من مغازيه - يقول ذلك اليسع بن حزم - أنه أغار يوما، فغنم غنيمة كثيرة، واجتمع عليه من الروم أكثر من ألف فارس، فقال لأصحابه وكانوا ثلاث مئة فارس: ما ترون؟ فقالوا (1): نشغلهم بترك الغنيمة. فقال: ألم يقل القائل: [إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين] [الأنفال: 65] فقال له ابن مورين: يا رئيس، الله قال هذا.
فقال: الله يقول هذا وتقعدون عن لقائهم؟! قال: فثبتوا، فهزموا الروم.
ومن غريب أمره أنه نزل ملك الروم ابن رذمير، فأفسدوا الزروع، فبعث يقول له: مثلك لا يرضى بالفساد، ولابد لك من الانصراف، فأفسد في بلدك في يوم واحد ما لا تفسده في جمعة. فأمر اللعين أصحابه بالكف، وبعث إليه يرغب في رؤيته لسمعته عندهم. قال ابن مورين: فجئنا مع الرئيس، فقدمناه، فأكرمه، وأجلسه إلى جنبه، وجعل يطلع إليه ويقول بلسانه: اسمك عظيم، وطلعتك دون اسمك، وما شخصك بشخص فارس. وكان قصيرا، وأراد ممازحته، وكذا وجه إليه أمير المسلمين علي بن يوسف، فمضى واجتمع به، واستناب موضعه ولده سعدا إلى أن رجع.
وفي سنة سبع عشرين وخمس مئة سار ابن رذمير، فنازل مدينة إفراغة (2) وبها ابن مردنيش، وطال الحصار، فكتبوا إلى أمير المسلمين ابن تاشفين ليغيثهم، فكتب إلى ابنه تاشفين بن علي، وإلى الأمير يحيى بن غانية بإغاثتهم، وإدخال الميرة إليهم، فتهيأ لنجدتهم أربعة آلاف، فما