قاضي القضاة أبو طالب بن الحديثي (1) قال: مر بنا أبو الفتوح وحوله خلق، منهم من يصيح: لا نحرف ولا نصوب بل عبادة، فرجمه العوام حتى تراجموا بكلب ميت، وعظمت الفتنة، لولا قربها من باب النوبي، لهلك جماعة، فاتفق جواز عميد بغداد موفق الملك، فهرب من معه، فنزل، ودخل إلى بعض الدكاكين، وأغلقها، ثم اجتمع بالسلطان، فحكى له، فأمر بالقبض على أبي الفتوح وتسفيره إلى همذان، ثم إلى إسفرايين، وأشهد عليه أنه متى خرج منها، فدمه هدر.
قال السمعاني: أزعج عن بغداد، فأدركه الموت ببسطام في ثاني ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وخمس مئة، فدفن بجنب الشيخ أبي يزيد البسطامي.
قال ابن الجوزي في " المنتظم " (2): قدم السلطان مسعود بغداد ومعه الحسن بن أبي بكر النيسابوري الحنفي، أحد المناظرين، فجالسته، فجلس بجامع القصر، وكان يلعن الأشعري جهرا، ويقول: كن شافعيا ولا تكن أشعريا، وكن حنفيا ولا تكن معتزليا، وكن حنبليا، ولا تكن مشبها، وكان على باب النظامية اسم الأشعري، فأمر السلطان بمحوه، وكتب مكانه: الشافعي، وكان الأسفراييني يعظ في رباطه، ويذكر محاسن مذهب الأشعري، فتقع الخصومات، فذهب الغزنوي، فأخبر السلطان بالفتن، وقال: إن أبا الفتوح صاحب فتنة، وقد رجم غير مرة، والصواب إخراجه، فأخرج، وعاد الحسن النيسابوري إلى وطنه، وقد كانت اللعنة قائمة في