سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٩ - الصفحة ٥٨٢
يعلمه غيري ممن تقدم، وإني لاعلم من صحيح البخاري ومسلم ما لم يعلماه، فقلت مستهزئا: فعلمك إلهام إذا، وهاجرته، وكان سيئ الاعتقاد، يعتقد من أحاديث الصفات ظاهرها، بلغني (1) عنه أنه قال في سوق باب الأزج * (يوم يكشف عن ساق) * [القلم: 42] فضرب على ساقه، وقال: ساق كساقي هذه (2).
وبلغني عنه أنه قال: أهل البدع يحتجون بقوله تعالى: * (ليس كمثله شئ) * [الشورى: 11]، أي: في الإلهية، فأما في الصورة، فهو مثلي ومثلك (3). قد قال الله تعالى: * (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن) * [الأحزاب: 32]، أي: في الحرمة.
وسألته يوما عن أحاديث الصفات، فقال: اختلف الناس فيها، فمنهم من تأولها، ومنهم من أمسك، ومنهم من اعتقد ظاهرها، ومذهبي أحد (4) هذه المذاهب الثلاثة، وكان يفتي على مذهب داود، فبلغني أنه سئل عن وجوب الغسل على من جامع ولم ينزل، فقال: لا غسل عليه (5)، الآن فعلت ذا بأم أبي بكر.

(1) علق العلامة المعلمي اليماني في " تذكرة الحفاظ ": 4 / 1274 على قوله " بلغني "، فقال: " بلغني " أخت " زعموا " فإذا رأيت العالم يمتطيها للغض من مخالفيه، فاعلم أنها مطية مهزولة ألجأته إليها الضرورة، وقد حدث ابن عساكر عن شيخ العبدري، وشهد له أنه أحفظ شيخ لقيه كما مر.
(2) قال المؤلف في " تذكرة الحفاظ ": هذه حكاية منقطعة، وهذا قول الضلال المجسمة، وما اعتقد أن بلغ بالعبدري هذا.
(3) قال المؤلف في " تذكرة الحفاظ ": تعالى الله عن ذلك وتقدس، وهذا لا يتفوه به مؤمن، فإن الله تعالى لا مثل له أبدا.
(4) في حاشية الأصل ما نصه: في نسخة: آخر.
(5) كان هذا الحكم في ابتداء الاسلام، ثم نسخ، والدليل على ذلك ما أخرجه أبو داود (215)، والدارمي: 1 / 194 من طريق أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال:
حدثني أبي بن كعب، أن الفتيا التي كانوا يفتون أن الماء من الماء كانت رخصة رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدء الاسلام، ثم أمر بالاغتسال بعد، وإسناده صحيح، وصححه ابن خزيمة (225)، وابن حبان (228) و (229)، والدارقطني: 1 / 126، والبيهقي:
1 / 165، وانظر التفصيل في " شرح السنة " للبغوي بتحقيقنا: 2 / 3 - 7. * تاريخ الاسلام: 4: 267 / 2 - 268 / 1، دول الاسلام: 2 / 47، العبر:
4 / 65، النجوم الزاهرة: 5 / 247، حسن المحاضرة: 1 / 375، شذرات الذهب:
4 / 75.
(٥٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 577 578 579 580 581 582 583 584 585 586 587 ... » »»
الفهرست