لان ذلك الشرط كان على وجه التنفيل منه، فعليه الوفاء بذلك، لقوله عليه السلام " المسلمون عند شروطهم ".
1594 ولو جمعت الغنائم فقال الأمير: من أخذ جبنة فعليه ثمنها درهم، ومن أخذ شاة فعليه خمسة دراهم، ومن أخذ جارية فهي له بمئة درهم. فأخذ رجل شاة فذبحها وأكلها، وأخذ آخر جبنة فأكلها، وأخذ آخر جارية فأعتقها. فعلى كل واحد (1) قيمة ما أخذه.
لان هذا الكلام من الأمير ليس على وجه التنفيل، فإن التنفيل بعد الإصابة لا يجوز، ولكنه على وجه البيع، وهو فاسد لجهالة المبيع عند العقد.
فكل من أخذ شيئا ولم يستهلكه فللامام أن يسترده منه، لفساد البيع، أو يسلمه له بذلك الثمن بيعا مستقبلا إن رضى به المشترى. لأنه بأخذه قد تعين، فيجوز بيعه منه ابتداء، ولكن ابتداء البيع يعتمد التراضي من الجانبين، وإن استهلكها فعليه ضمان القيمة، كما هو الحكم في المشترى. شراء فاسدا إذا استهلكه المشترى بعد القبض. ولهذا نفذ العتق في الجارية لأنه قبضها بحكم بيع فاسد فتملكها، حتى لو باعها جاز البيع وغرم قيمتها. فكذلك إ ذا أعتقها.
فإن قيل: كيف يضمن القيمة وهو لو أكل الجبنة أو ذبح الشاة فأكلها قبل هذا كان مباحا له؟ ولم يكن عليه ضمان في ذلك. وكذلك لو أتلف الجارية في دار الحرب لم يكن ضامنا شيئا.
قلنا: لان قبل هذا الكلام لم يتأكد حق الغانمين فيها. فأما بعد هذا القول فقد تأكد حق الغانمين فيها، لان البيع الفاسد معتبر بالجائز. وبيع الامام الغنائم في دار الحرب بمنزلة الاحراز في تأكد حق الغانمين فيها.
يوضحه أنه قد تملك المأخوذ هاهنا بالأخذ بجهة العقد، ولهذا لو باعه جاز بيعه فيه. والتمليك بعقد المعاوضة لا يكون إلا بعوض، وذلك بالقيمة هامش (1) ق " كل واحد منهم "، ب " كل واحد أخذ ".