فنقول إنما يباح التناول من ذلك للحاجة دون التجارة، فما يدخل تحت التجارة بالبيع يكون بدله كسائر الغنائم، فلا ينبغي لأحد أن يخص نفسه بذلك.
وذكر حديث سلمان حين أتاه غلامه بسلة يوم نهاوند. فقال:
هاتها، فإن كان مالا دفعناه إلى هؤلاء، وإن كان طعاما أكلناه. فإذا فيها أرغفة حواري وجبنة وسكين. فجعل سلمان يطرح لأصحابه من ذلك الخبز ويقطع لهم من جبنه فيأكلون، ويخبرهم كيف يصنع الجبن.
1981 ثم ذكر عن ابن عباس رضي الله عنه أنه رخص في الاكل. وقال: فإن خرجوا بشئ منه تصدقوا به.
والمراد إنما يتصدقون إذا قسمت الغنائم، فأما قبل القسمة فيرد ذلك في المغنم، لان قبل القسمة يتيسر إيصاله إلى مستحقه بالالقاء في الغنيمة وبعد القسمة يتعذر ذلك، فيكون سبيله التصدق به كاللقطة.
إلا أن يكون محتاجا فيأكله، وإن أكله وهو غنى تصدق بقيمته كما هو الحكم في اللقطة (ص 338) وقد روى ذلك عن ابن عمر رضي الله عنه.
1982 وذكر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: ردوا الخيط والمخيط. وكلوا واعلفوا ولا تحملوا.
ففيه دليل على أن ما سوى المأكول والمشروب يكون غنيمة لا يحل لأحد أن يختص بشئ منه. فأما المأكول والمشروب فمستثنى في حكم الاكل