قاعدة في المؤرخين ولما كان تاريخ الرجال وخاصة رواة الحديث منه يدخل ضمن إطار المباحث التاريخية، لذلك كان لابد من عرض مقالة أهل الاختصاص بهذا الشأن، عنيت ما ذكره الامام تاج الدين السبكي (771) ه صاحب الطبقات المشهورة حيث قال:
إن أهل التاريخ ربما وضعوا من أناس ورفعوا أناسا إما لتعصب، أو لجهل، أو لمجرد اعتماد على نقل من لا يوثق به أو غير ذلك من الأسباب:
والجهل في المؤرخين أكثر منه في أهل الجرح والتعديل، وكذلك التعصب، قل أن رأيت تاريخا خاليا من ذلك. والرأي عندنا (السبكي) أن لا يقبل مدح، ولا ذم من المؤرخين إلا بما اشترطه إمام الأئمة - والده - حيث قال: يشترط في المؤرخ:
1 - الصدق.
2 - إذا نقل يعتمد اللفظ دون المعنى.
3 - وأن يكون ذلك الذي نقله أخذه في المذاكرة، وكتبه بعد ذلك.
4 - وأن يسمي المنقول عنه فهذه شروط أربعة فيما ينقله.
ويشترط فيه أيضا: لما يترجمه من عند نفسه، ولما عساه يطول في التراجم من النقول ويقصر.
1 - أن يكون عارفا بحال الترجمة، علما ودينا وغيرهما من الصفات.
2 - أن يكون حسن العبارة، عارفا بمدلولات الألفاظ.
3 - أن يكون حسن التصور، حتى يتصور حال ترجمته جميع حال ذلك الشخص ويعبر عنه بعبارة لا تزيد عليه، ولا تنقص عنه.
4 - أن لا يغلبه الهوى، فيخيل إليه هواه الاطناب في مدح من يحبه، والتقصير في غيره.
بل إما أن يكون مجردا عن الهوى هو عزيز. وإما أن يكون عنده من العدل ما يقهر به هواه، ويسلك طريق الانصاف.
وأصعب هذه الشروط الاطلاع على حال الشخص في العلم، فإنه يحتاج إلى المشاركة في علمه والقرب منه حتى يعرف مرتبته (1).