هذا وقد جرت سنة المصنفين في هذا الفن أن يصنفوا الرواة إلى مراتب خمسة من حيث القبول أو الردود لمروياتهم، وهي:
الطبقة الأولى: فمنهم الثبت الحافظ الورع المتقن الجهبذ الناقد للحديث - فهذا الذي لا يختلف فيه، ويعتمد على جرحه وتعديله، ويحتج بحديثه وكلامه في الرجال.
الطبقة الثانية: ومنهم العدل في نفسه، الثبت في روايته، الصدوق في نقله، الورع في دينه، الحافظ لحديثه، المتقن فيه، فذلك العدل الذي يحتج بحديثه ويوثق في نفسه.
الطبقة الثالثة: ومنهم الصدوق، الورع، الثبت الذي يهم أحيانا - وقد قبله الجهابذة النقاد، وهذا يحتج بحديثه.
الطبقة الرابعة: ومنهم الصدوق، الورع، المغفل، الغالب عليه الوهم والخطأ والغلط والسهو.
فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والآداب. ولا يحتج بحديثه في احلال والحرام.
الطبقة الخامسة: والخامس بعد هؤلاء - هو من قد ألصق نفسه بهم، ودلها بينهم ممن ليس من أهل الصدق والأمانة، ومن قد ظهر النقاد العلماء بالرجال أولي المعرفة منهم الكذب.
فهذا يترك حديثه ويطرح روايته (1).
أئمة النقد للرواة:
هذا وقد عرف جماعة من علماء السلف بأنهم أئمة الجرح والتعديل، وهم طبقات أيضا. ومن أولئك العلماء الجهابذة، وهم قدوة في الدين ونقاد لناقلة الآثار.
فمن الطبقة الأولى: بالحجاز، الإمامان مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة.
وبالعراق الأئمة: سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وحماد بن زيد.
وبالشام: الامام عبد الرحمان بن عمرو بن يحمد الأوزاعي.
وبذلك وردت شهادات الاعلام، منهم: عبد الرحمن بن مهدي، قال: أئمة الناس في زماننا أربعة:
سفيان الثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، والأوزاعي بالشام، وحماد بن زيد بالبصرة.