ين المدعين لمرتبة الاجتهاد، فكنت في خدمته من أول تحصيلي الأصول إلى أن توفى، وكلما قرأت مسألة من المسائل الأصولية حررتها بعين ما قرره.
وفي خلال هذه الأحوال اشتغلت بالتدريس والمباحثة من أول طلوع الشمس إلى ساعة أو أكثر بعده، وبعد الفراغ منه أحضر مجلس الوالد إلى الظهر، فعدت إلى داري وكنت مشتغلا بالمطالعة وتحرير الدرس بعد رفع الكسالة بالنوم وأداء الصلاة، حتى بقيت من النهار ساعتان، وفيهما كنت مشغولا بتقرير درس الوالد الأستاذ لجمع من متعلميه، اما في منزلي أو في المدرسة، وكان هذا دأبي وطريقتي في سنين عديدة.
إلى أن وفقني الله فخرجت من حضيض التقليد إلى الاستنباط وتحصيل الفروع على وجه الاستدلال، ومع ذلك لم أزل فائزا بتحصيل علمي الفقه والأصول عنده في أيام التحصيل إلى أن مات. وفي أيام التعطيل كيوم الأربعاء والخميس وأشهر الصيام مشغولا بالدراية والرجال.
الا أن كثيرا من الأوقات في خلال سنين التحصيل كنت مبتلى بابتلاءات خطيرة والعطال، سيما بعد التأهل وحصول نعمة الأولاد والأطفال، فتوفي الوالد فازداد لي الاشتغال من الابتلاء بالقروض الكثيرة وأذى ذوي الأذناب وحسدة الأقارب، وبغض أهل النفاق والشقاق إلى زمان تأليف هذا الكتاب، فأشكر الله على جزيل انعامه، أرجو منه الثواب ودفع العقاب، وانما أشكو بثي وحزني إلى رب الأرباب، وانتظر الانتقام من الملك الوهاب.
ولكني مع هذه الحال كنت أحب الارتسام في سلسلة الطلاب، والدخول في حوزة العلماء الأطياب. فاشتغلت بتأليف المسائل من الفقه والأصول، فخرج من مؤلفاتي كراريس في الفقه من مناسك الحج والصلاة، ومن الأصول رسالة في حجية الظن والاستصحاب.
ثم شرعت في كتابي الجامع للمقاصد في أصول الأصحاب، فقد برز منه الأدلة العقلية من أول مسألة حسن القبح إلى آخر القياس والاستصحاب، وقد جمعنا