فقال:.
اعلم أن الله تعالى لا يقبل من عباده الاقرار بالتوحيد حتى ينفوا الغير، كما ينطق به كلمة لا إله إلا الله، وكذا لا يقبل منهم الاقرار بنبوة خاتم الأنبياء حتى ينفوا غيره من الذين يدعون النبوة في كل وقت، كمسيلمة الكذاب والأسود العنسي والسجاح وأضرابهم. وكذلك لا يقبل الله منهم الاقرار بامامة علي بن أبي طالب عليه السلام الا بعد نفي كل أحد تصدى في زمنه بالتغلب والتجبر لأمر الخلافة.
فاستحسنه الملك فعاد له الكلام، وقال: أطلب وأشتهي منك أن تخبر عن حقيقة الحال ومآل أمر من تصدى الخلافة على طريق الجلافة.
فقال: ان حقيقة حالهم أن الاجماع من الأمة منعقد على قصة سورة البراءة، وهي مشتملة على خروج المتغلب الأول عن ربقة الاسلام، وهو ليس من منسوبي خير الأنام، وعلى أن امامة المولى أمير المؤمنين عليه السلام منزلة من السماء.
ثم سال الملك عن تفصيل القصة وكيفيتها.
فقال: ان نقلة الآثار وحكات الاخبار من المخالف والمؤالف، اتفقوا على أن سورة البراءة لما نزلت، فطلب الرسول صلى الله عليه وآله أبا بكر، فقال: خذ هذه السورة واذهب بها إلى مكة في موسم الحج، فأخذها وسافر إليها، فلما قطع بعض الطريق نزل أمين رب العالمين عليه السلام فقال: يا محمد ان الله يسلم عليك ويقول:
لا يؤدي عنك الا أنت أو رجل منك، فأمر أمير المؤمنين عليه السلام أن يبلغ إلى أبي بكر ويأخذ الأمانة يعني السورة، فذهب عليه السلام على أثره فأخذها وبلغها إلى أهل مكة في الموسم.
ومن الواضح أن أبا بكر إذا لم يكن من النبي صلى الله عليه وآله بمقتضى الخبر، فليس تابعا له أيضا، لقوله تعلى (فمن تبعني فهو مني) (1) ومن لم يكن تابعا فلا يكون محبا له صلى الله عليه وآله، لقوله تعالى (ان كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم