روايته لثقته وصدقه وديانته وورعه والاتفاق بقبول روايته، فالراوي بهذه الحالة يذكر في كتب الرجال أنه فقيه من فقهاء أصحابنا، وبالنظر إلى الرواية التي ذكروها في تضاعيف فتاويهم يكون صاحب الرواية ممن أجمعت الأصحاب على قبول روايته، فقولهم: " فقيه أو من فقهاء أصحابنا " بمنزلة التوثيق.
مثال ذلك في الكافي في باب ما يجب أن يقول من أراد أن يطلق:
حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن علي بن الحسن الطاطري، قال: الذي أجمع عليه في الطلاق أن يقول: أنت طالق، أو اعتدي، وذكر أنه قال لمحمد بن أبي حمزة: كيف يشهد على قوله اعتدي، قال:
يقول: اشهدوا اعتدي، قال ابن سماعة: غلط محمد بن أبي حمزة أن يقول: اشهدوا اعتدي، قال الحسن بن سماعة: ينبغي أن يجيء بالشهود إلى حجلتها أو يذهب بها إلى الشهود إلى منازلهم، وهذا المحال الذي لا يكون ولم يوجب الله عز وجل هذا على العباد، [و] قال الحسن: وليس الطلاق إلا كما روى بكير بن أعين أن يقول لها وهي طاهر من غير جماع: أنت طالق، ويشهد شاهدين عدلين، وكل ما سوى ذلك فهو ملغى (1).
أقول: فهؤلاء المذكورون في الفتوى فقهاء، ورواية بكير بن أعين التي احتج بها، والغرض من الكليني إيراد تلك كان عندهم مما أجمعوا على صحته، وحيث كان الرجل بهذه المثابة في كونه مقبول الرواية يقال له: أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه فابن بكير يقال فيه: إنه من فقهاء أصحابنا وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، ويقال للحسن: جيد التصانيف، نقي الفقه، حسن الانتقاء، كثير الحديث، فقيه، ثقة، من شيوخ الواقفة - لقوله بالوقف في زمان إمام آخر -، وقبول أنه فقيه قبله، فلا يضر ذلك في قبول رواياته والاعتماد بكتبه.
ثم إن من ينقل تلك الفتاوى في كتابه يصح أن يقال: إنه فقيه، وإنه من أصحاب يونس مثلا - إن كانت الفتاوى منه -، فعلى هذا الشيخ الكليني من أصحاب يونس وإبراهيم بن هاشم بالطريق الأولى.
ومن ذلك يعلم وجه صحة كون إبراهيم بن هاشم من أصحاب يونس، فقد استفيد من ذلك أن فقاهة بعض أصحابنا كحمدان القلانسي ويونس وأضرابهما فوق فقاهة مثل ابن بابويه الفقيه بالنظر إلى كتاب من لا يحضره الفقيه، فإنهم قد ينظرون في الأدلة مع قطع النظر عن الأخبار ويحتجون بمقتضى الأدلة العقلية الموافقة للأصول الشرعية والقواعد الكلية المأخوذة من الكتاب والسنة.
وفي الكافي في باب الفرق بين من طلق على غير السنة وبين المطلقة إذا خرجت وهي في عدتها أو أخرجها زوجها:
الحسين بن محمد قال: حدثني حمدان القلانسي، قال: قال لي عمر بن شهاب العبدي: من أين زعم أصحابك أن من طلق ثلاثا لم يقع الطلاق؟ فقلت له: زعموا أن الطلاق للكتاب والسنة فمن خالفهما رد