خمسين قولا في شرحي لصحيح البخاري وشرحي لمشارق الأنوار (1).
واعلم أنه يستفاد من قوله في الخبر الثاني " فاستلمه بيدك " أن الاستلام هو اللمس كما ذكره جماعة من أهل اللغة، قال الجوهري: استلم الحجر: لمسه إما بالقبلة أو باليد، ولا يهمز لأنه مأخوذ من السلام بالكسر وهو الحجر كما تقول استنوق الجمل وبعضهم يهمزه، وفي القاموس: استلم الحجر: لمسه إما بالقبلة أو باليد كاستلأمه، وقال ابن الأثير: في حديث الطواف أنه أتى الحجر فاستلمه، هو افتعل من السلام أي التحية وقيل هو أفتعل من السلام وهي الحجارة، واحدتها سلمة بكسر اللام، يقال: استلم الحجر إذا لمسه أو تناوله.
وحكى العلامة في المنتهى عن المرتضى - رضي الله عنه - أنه قال: الاستلام غير مهموز: افتعال من السلام وهي الحجارة فإذا مس الحجر بيده ومسحه بها قيل:
استلم أي مس السلام بيده، ثم قال العلامة: وقد قيل: إنه مأخوذ من السلام أي أنه يحيي نفسه عن الحجر إذ ليس الحجر ممن يحييه وهذا كما يقال: اختدم إذا لم يكن له خادم وإنما خدم نفسه، قال: وحكى تغلب الهمزة وجعله وجها ثانيا لترك الهمزة وفسره بأنه اتخذه جنة وسلاحا من اللامة وهي الدرع وهو حسن. وقد حكي عن ابن الأعرابي أيضا.
وذكر الشهيد في الدروس وبعض المتأخرين عنه أنه يستحب استلام الحجر بالبطن والبدن أجمع فإن تعذر فباليد. ولا نعرف له وجها إلا ما سيأتي في بعض أخبار الطواف من أن استلام الركن أن يلصق البطن به وهو في خبر من مشهوري الصحيح ولا دلالة فيه على أن استلام الحجر بذلك المعنى ومع هذا فليس فيه تعرض لغير البطن.