الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ٢٠٦
علم البراء بن عازب دعاء وفيه: ونبيك الذي أرسلت فلما أراد البراء أن يعرض ذلك الدعاء على النبي صلى الله عليه وسلم قال: وبرسولك الذي أرسلت: فقال النبي عليه السلام: لا، ونبيك الذي أرسلت فأمره عليه السلام كما تسمع ألا يضع لفظة رسول في موضع لفظة نبي وذلك حق لا يحيل معنى، وهو عليه السلام رسول ونبي، فكيف يسوغ للجهال المغفلين أو الفساق المبطلين، أن يقولوا: إنه عليه السلام كان يجيز أن توضع في القرآن مكان عزيز حكيم غفور رحيم أو سميع عليم وهو يمنع من ذلك في دعاء ليس قرآنا والله تعالى يقول مخبرا عن نبيه صلى الله عليه وسلم ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي) ولا تبديل أكثر من وضع كلمة مكان أخرى، أم كيف يسوغ لأهل الجهل والعمى إباحة القراءة المفروضة في الصلاة بالأعجمية مما ذكرنا، ومع إجماع الأمة على أن إنسانا لو قرأ أم القرآن فقدم آية على أخرى، أو قال: الشكر للصمد مولى الخلائق، وقال هذا هو القرآن المنزل لكان كافرا بإجماع ومع قوله تعالى لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين ففرق تعالى بينهما، وأخبر أن القرآن إنما هو باللفظ العربي لا بالعجمي، وأمر بقراءة القرآن في الصلاة، فمن قرأ بالأعجمية فلم يقرأ القرآن بلا شك.
والعجب أن قائل هذا الهجر لا يجيز الدعاء في الصلاة إلا بما يشبه ما في القرآن لا بتسمية المدعو لهم، ولا بغير ذلك، وقد جاء النص بإباحة الدعاء فيها جملة ويقول: إن من عطس في الصلاة فقال: الحمد لله رب العالمين، فحرك بها لسانه فقد بطلت صلاته، فسبحان من وفقهم لخلاف الحق في كلا الوجهين، فيجيزون القراءة في الصلاة بخلاف القرآن، ويبطلون الصلاة بذكر آية من القرآن، ويمنعون من الدعاء فيها إلا بما في القرآن أو ما يشبهه، ولا شبه للقرآن في شئ من الكلام بإجماع الأمة.
واحتج بعضهم في ذلك بقوله تعالى: وانه لفي زبر الأولين) * وبخطابه تعالى لنا بالعربية حاكيا كلام موسى عليه السلام قال علي: وهذا لا حجة لهم فيه، لان الذي في زبر الأولين إنما هو معنى القرآن لا القرآن، ولو كان القرآن في زبر الأولين لما كان محمد صلى الله عليه وسلم مخصوصا به،
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258