عز وجل يحل لهم الطيبان ويحرم عليهم الخبائث فكل ما حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الحمار الأهلي وسباع الطير، وذوات الأنياب، وغير ذلك فهو من الخبائث، وهو مذكور في الجملة المتلوة في القرآن ومفسر لها، والمعترض بها يسأل: أيحرم أكل عذرته أم يحلها، فإن أحلها خرج عن إجماع الأمة وكفر، وإن حرمها فقد حرم ما لم ينص الله تعالى على اسمه في القرآن، فإن قال: هي من الخبائث قيل له: وكل ما حرم عليه السلام فهو كالخنزير، وكل ذلك من الخبائث.
قال علي: فإن قال: قد صح الاجماع على تحريمها، قيل له: قد أقررت بأن الأمة مجمعة على إضافة ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من السنن إلى القرآن، مع ما صح على النبي صلى الله عليه وسلم من النهي عن ذلك، كما حدثنا عبد الرحمن بن سلمة - صاحب لنا - قال: ثنا أحمد بن خليل قال: ثنا خالد بن سعيد، ثنا أحمد بن خالد، ثنا أحمد بن عمرو المكي - وكان ثقة - ثنا محمد بن أبي عمر العدني، ثنا سفيان - هو ابن عيينة - عن سالم أبي النضر عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الامر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا أدري ما وجدنا في كتاب الله تعالى اتبعناه فهذا حديث صحيح بالنهي عما تعلل به هؤلاء الجهال، وبالله تعالى التوفيق، مع ما قدمنا من أنه لا يختلف مسلمان في أن ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو مضاف إلى ما في القرآن، وأنهم إنما اختلفوا في الطرق التي بها يصح ما جاء عنه عليه السلام فقط.
وقد سألت بعض من يذهب هذا المذهب عن قول الله تعالى وقد ذكر النساء المحرمات في القرآن، ثم قال تعالى: وأحل لكم ما وراء ذلكم ثم روى أبو هريرة وأبو سعيد أنه عليه السلام حرم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، وليس هذا إجماعا، فعثمان البتي وغيره يرون الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها حلالا. فقال لي: ليس هذا الحديث خلافا للآية لكنه مضاف إليها، فقلت له: فعلى هذا لا سبيل إلى وجود حديث مخالف لما في القرآن أصلا، وكل حديث أتى فهو مضاف إلى ما في القرآن ولا فرق، وبالله تعالى التوفيق