الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ٢٠٢
عز وجل يحل لهم الطيبان ويحرم عليهم الخبائث فكل ما حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الحمار الأهلي وسباع الطير، وذوات الأنياب، وغير ذلك فهو من الخبائث، وهو مذكور في الجملة المتلوة في القرآن ومفسر لها، والمعترض بها يسأل: أيحرم أكل عذرته أم يحلها، فإن أحلها خرج عن إجماع الأمة وكفر، وإن حرمها فقد حرم ما لم ينص الله تعالى على اسمه في القرآن، فإن قال: هي من الخبائث قيل له: وكل ما حرم عليه السلام فهو كالخنزير، وكل ذلك من الخبائث.
قال علي: فإن قال: قد صح الاجماع على تحريمها، قيل له: قد أقررت بأن الأمة مجمعة على إضافة ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من السنن إلى القرآن، مع ما صح على النبي صلى الله عليه وسلم من النهي عن ذلك، كما حدثنا عبد الرحمن بن سلمة - صاحب لنا - قال: ثنا أحمد بن خليل قال: ثنا خالد بن سعيد، ثنا أحمد بن خالد، ثنا أحمد بن عمرو المكي - وكان ثقة - ثنا محمد بن أبي عمر العدني، ثنا سفيان - هو ابن عيينة - عن سالم أبي النضر عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الامر مما أمرت به أو نهيت عنه فيقول: لا أدري ما وجدنا في كتاب الله تعالى اتبعناه فهذا حديث صحيح بالنهي عما تعلل به هؤلاء الجهال، وبالله تعالى التوفيق، مع ما قدمنا من أنه لا يختلف مسلمان في أن ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو مضاف إلى ما في القرآن، وأنهم إنما اختلفوا في الطرق التي بها يصح ما جاء عنه عليه السلام فقط.
وقد سألت بعض من يذهب هذا المذهب عن قول الله تعالى وقد ذكر النساء المحرمات في القرآن، ثم قال تعالى: وأحل لكم ما وراء ذلكم ثم روى أبو هريرة وأبو سعيد أنه عليه السلام حرم الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، وليس هذا إجماعا، فعثمان البتي وغيره يرون الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها حلالا. فقال لي: ليس هذا الحديث خلافا للآية لكنه مضاف إليها، فقلت له: فعلى هذا لا سبيل إلى وجود حديث مخالف لما في القرآن أصلا، وكل حديث أتى فهو مضاف إلى ما في القرآن ولا فرق، وبالله تعالى التوفيق
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258