الاحكام - ابن حزم - ج ٢ - الصفحة ٢٠١
فيقال لهم: ليس في الحديث الذي صح شئ يخالف القرآن، فإن عد الزيادة خلافا لزمه أن يقطع في فلس من الذهب، لان القرآن جاء بعموم القطع. ولزمه أن يحل العذرة، لان في نص القرآن: * (قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به) * والعذرة ليست شيئا مما ذكر، فإن قال: هي رجس، قيل له: كل محرم فهو رجس، لا سيما إن كان مخاطبنا ممن يستحل أبوال الإبل وبعرها، فأي فرق بين أنواع المعذرات لولا التحكم، ولزمه أيضا، أن يحل الجمع بين العمة وبنت أخيها، لان القرآن نص على المحرمات، ثم قال: وأحل لكم ما وراء ذلكم فإن عد الزيادة خلافا لزمه كما ذكر ناه.
وأما الطائفة الأخرى المبيحة للقول بما لم يأت نصا خلافا، لزمه كما ذكرناه عن النبي صلى الله عليه وسلم وإباحة أن ينسب ذلك إليه، فحسبنا أنهم مقرون على أنفسهم بأنهم كاذبون، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من حدث عني بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين. حدثنا أحمد بن محمد الجسوري قال: ثنا وهب بن مسرة، ثنا ابن وضاح، عن أبي بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع عن شعبة وسفيان، عن حبيب، عن ميمون بن أبي شبيب، عن المغيرة بن شعبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال عليه السلام: لا تكذبوا علي فإنه من يكذب علي يلج النار وروينا هذا المعنى مسندا صحيحا من طريق علي، وأبي هريرة، وسمرة وأنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال علي: وقال محمد بن عبد الله بن مسرة: الحديث ثلاثة أقسام: فحديث موافق لما في القرآن، فالأخذ به فرض، وحديث زائد على ما في القرآن، فهو مضاف إلى ما في القرآن، والاخذ به فرض، وحديث مخالف لما في القرآن فهو مطرح.
قال علي بن أحمد: لا سبيل إلى وجود خبر صحيح مخالف لما في القرآن أصلا، وكل خبر شريعة، فهو إما مضاف إلى ما في القرآن ومعطوف عليه ومفسر لجملته، وإما مستثنى منه لجملته، ولا سبيل إلى وجه ثالث.
فإن احتجوا بأحاديث محرمة أشياء ليست في القرآن قلنا لهم: قد قال الله
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل في الكلام على الخبر المرسل 135
2 فصل في أقسام السنن وأنها ثلاثة 138
3 فصل في خلاف الصاحب للرواية وتعلل أهل الباطل لذلك 143
4 فصل فيما ادعاه قوم من تعارض النصوص 151
5 فصل في تمام الكلام في تعارض النصوص 166
6 فصل فيمن قال لا يجوز تخصيص القرآن بالخبر والرد عليه 189
7 فصل وقد يرد خبر مرسل إلا أن الإجماع صح بما فيه متيقنا 192
8 فصل وقد أجاز بعض أصحابنا أن يرد حديث صحيح ويكون الإجماع على خلافه 193
9 فصل وإذا قال الصحابي السنة كذا وأمرنا بكذا فليس هذا اسنادا 194
10 فصل وقد ذكر قوم أحاديث في بعضها إبطال شرائع الإسلام وفي بعضها نسبة الكذب إلى رسول الله (ص) 197
11 فصل وليس كل من أدرك النبي (ص) ورآه صحابيا 203
12 فصل وحكم الخبر أن يورد بنص لفظه لا يبدل ولا يغير 205
13 فصل وإذا روى العدل زيادة على ما روى الغير فالأخذ بتلك الزيادة فرض 208
14 فصل في إبطال ترجيح الحديث بعمل أهل المدينة وإبطال الاحتجاج بعملهم أيضا 214
15 فصل فيه بيان سبب الاختلاف الواقع بين الأئمة في صدر هذه الأمة 237
16 فصل في فضل الاكثار من الرواية للسنن والرد على من ذم الاكثار من رواية الحديث 245
17 فصل في صفة الرواية 255
18 فصل وقد تعلل قوم في أحاديث صحاح بأن قالوا هذا حديث أسنده فلان وأرسله فلان 258